المقدسيون في الأردن أمام القرار الأخطر

في المعلومات ان اسرائيل تقوم بتغيير صفة المقدسيين والفلسطينيين الذين يعيشون في القدس،من صفة مقيم دائم الى صفة مقيم محدد بفترة زمنية.
هذا يشمل حاملي الهويات الجديدة،والهويات المجددة،وتلك التالفة،وصفة «مقيم دائم» كانت ُتكتب على هويات الاقامة الاسرائيلية في القدس منذ حرب عام سبعة وستين،فهي ليست جديدة بالمطلق.
الجديد جدا تحويلها الى هويات مقيم محدد بفترة زمنية للاقامة،مما يعني انها قابلة للتجديد اوالالغاء،فالاقامة بهذه الطريقة مفهومة في كل الدول باعتبارها حالة مؤقتة تنتهي كليا لحظة تقرر سلطات اي بلد ذلك.
الخطوة الاسرائيلية التي مرت عربيا،بهدوء بالغ،تعني الضغط على المقدسيين،عبر الغاء اقامات الالاف،تدريجيا،ممن لايدفعون الضرائب مثلا،او من اولئك الذين يعيشون في الخارج،ولايعودون الا كل فترة،والباب مفتوح لالغاء اقامات مئات الالاف تدريجيا تحت ذرائع شتى في القدس او خارجها،من المقدسيين الذين يعيشون في العالم.
في الاردن هناك عشرات الاف الاردنيين المقدسيين ممن يحملون ارقاما وطنية،وبطاقات جسور صفراء،واقامات اسرائيلية في ذات الوقت في القدس تحديدا،تضاف اليهم اعداد كبيرة ممن يحملون ارقاما وطنية وبطاقات صفراء واقامات في الضفة الغربية.
الكلام الاخطر هنا يتعلق بابناء القدس الذين يعيشون في الاردن اردنيين وفي القدس مقدسيين،وتبدو خطوة اسرائيل بمثابة تهديد مباشر لهم،لان تحويل اقاماتهم من صفة «مقيم دائم» الى صفة «مقيم» يتم تحديد مدة اقامته وجعلها قابلة لعدم التجديد او الالغاء،سيجعل هؤلاء في وضع مأساوي وصعب جدا يفرض عليهم التنبه بعد قليل للاحتمالات الاخرى التي قد تأخذ اسرائيل الى الغاء اقاماتهم في القدس.


إطلالة/ بقية
الامر ذاته ينطبق على كل المقدسيين في العالم ممن يحملون جنسيات عربية واجنبية ويحلمون اقامات اسرائيلية في القدس،فالخطر ينطبق على الجميع بذات الدرجة والسوء والنتيجة الكارثية.
هذا سيعني منعهم من الزيارة او العودة،وسيعني في النتيجة عزلهم خارج الطوق الفلسطيني العربي في القدس،وتثبيتهم خارج القدس،وتفريغ القدس من اهلها وسكانها،واذابة هويتها السياسية والدينية.
ملف خطير جدا يخص الاردن دولة وشعبا،ويخص الفلسطينيين والمقدسيين ايضا،لان تحويل صفة الاقامة بهذه الطريقة قد يؤدي فجأة الى خسارة اعداد كبيرة لاقاماتهم،بحيث تمنعهم اسرائيل من العودة،او تشطب اقاماتهم تدريجيا،وهؤلاء سيجدون انفسهم خارج القدس،كليا،وخارج الكتلة السكانية الفلسطينية في المدينة المحتلة،لصالح تثبيت هويتهم السياسية،في دولة اخرى،بما يصب في المحصلة لمصلحة الاحتلال.
مالذي بالامكان فعله هنا غير التنديد بهذه الخطوة؟ وهذا سؤال يفرض في ظلال اجابته على الناس واجبات كبيرة بعدم التفريط بإقاماتهم في القدس،ولابوجودهم،ولن نستغرب ان تخرج اسرائيل لاحقا لتقول ان كل مقدسي ايا كانت جنسيته ويعيش خارج القدس،ولم يزرها منذ عام،سيفقد اقامته المؤقتة،فالاقامة المؤقتة لاتعني شيئا على ارض الواقع؟!.
هذا يأخذنا الى استخلاص آخر حول ضرورة تضحية الناس بكل مصالحها،خارج القدس،وبكل حياتها الرغدة،لان العودة الى القدس اليوم تعني من جهة ممارسة لحق العودة الطوعي،وتعني من جهة اخرى عدم السماح لاسرائيل للاستفراد بالمدينة المحتلة.
بعضنا سيرد بالقول ان هذا مجرد تنظير وطني زائف لان الحياة في القدس صعبة جدا،ولان اهلها يعانون،والمطالبة بالعودة لاتراعي حياة العائلات وظروف ابنائها،ولا مصاعبهم،فتلقي العصي،ليس كمن يعدها.
حسنا.معهم حق.غير ان مسؤولية القدس،في اعناقنا جميعا،شعوبا ودولا،فمن سيقف في وجه تهويد المدينة،اذا كانت الدول تشكو الضعف والهوان،والشعوب لاتحتمل الحياة الصعبة،والمراقبون يبحثون عن علة في اصل الفكرة الوطنية لنسفها،بدلا من فهمها كما هو جذرها الاساس؟!.
كل مقدسي في الخارج،اردنيا كان ام عربيا ام اجنبيا،مهدد هذه الايام بخسارة هويته المقدسية،لان الخطوة الاسرائيلية ممهدة لخسارة الوجود تحت مبررات عدم تجديد الاقامة لاحقا،او تجديدها لمرة ثم الغاؤها،والامر ذاته ينطبق على من يعيشون في القدس،والذين يواجهون ذات الخطر.
امامهم مسرب واحد فقط،التجنس بالجنسية الاسرائيلية،كي يبقوا في المدينة المحتلة،وهذا مسرب قد تريده اسرائيل،وقد لاتتكرم به ايضا علينا،فإذا تكرمت به سيعني عمليا تهويد المقدسيين ايضا،ونزعهم من حاضنتهم.
علينا ان نختار بين القدس،واللاقدس!.