سياسة "رعناء" لوزارة التربية والتعليم تؤسس ... (لمعارضة شعبية من نوع جديد)

كان لا بد لي من آن اعرض لحالة التخبط، والتردد، وعدم القدرة على اتخاذ القرار الذي تغرق في اتونه وزارة التربية والتعليم، وذلك من واقع مشاهداتي اليومية عن قرب، وهو ما جعلها عنوانا للفشل الذريع في هذا البلد، وعدم القدرة على العطاء، وحتى التراجع عن الانجازات الكبيرة التي حققها جيل الرواد اؤلئك الذين بنوا صروح العلم والمعرفة في هذه البلاد، وهي وزارة يتضاؤل أداؤها الى درجة ان مخرجات العملية التعليمية باتت بهذا المستوى الذي يتراءى عيانا في السلوكيات المدرسية والجامعية ، والتي أسفرت عن استعادة روح الغزوة، والخروج على وحدة ووئام المجتمع الأردني، وتكونت الشلل، والعصابات في التكوين الاجتماعي الأردني.
وبذلك فشل المجتمع الأكاديمي في أن يحدث قاعدة التطور الاجتماعي، والانطلاق نحو أفاق رحبة للمستقبل.
ومن تجربتي فلم أجد إدارة مترددة، ولا تملك القدرة على اتخاذ القرار، وحل الاشكالات التي تعترض طريق الناس في الجانب الذي يخصها مثل وزارة التربية والتعليم.
وقد سبق لي وان قدمت العديد من المذكرات النيابية التي تنقل المطالب العالقة في لواء ذيبان على هذا الصعيد، وفيما يخص حالة المدارس المستأجرة، ونقص الكوادر التعليمية، ودرجة الاكتظاظ، وهبوط مستوى التعليم، وكلها قوبلت بعدم الرد، وكان من ابرز هذه المذكرات مطالبة اهالي منطقة السواعدة في مليح بعدم نقل الصفين الثالث والرابع الى المدرسة الاساسية خوفا من تعرض الصغار الى حوادث الطرق القاتلة على طول الشارع الذي يشكل مصدر تهديد للقرية برمتها واودى بالعديد من ابنائها الذين زهقت ارواحهم على جانبيه.
ومذكرة ثانية كانت تتضمن مطالبة اهالي منطقة الموجب بفصل الطلاب الذكور عن زميلاتهم الفتيات في مدرسة ثانية حيث يبلغ الاختلاط في هذه المدرسة حتى الصف التاسع، وهو ما دفع الاباء الى وقف تعليم الفتيات خوفا من مخاطر الاختلاط في هذه السن.
وكانت هنالك مطالبات اخرى تتعلق بانشاء مدرسة بحي الطفيحات، او استئجار مبنى يجنب الصغار المرور بالاودية للوصول الى اقرب مدرسة، وخاصة في الشتاء، وكذلك اهالي منطقة العينات الذين طالبوا بمدرسة على شاكلة خيمة فقط لتمكين ابناءهم الصغار من الدراسة، ولو على طريقة الكتاتيب، وحتى يتجنبوا المخاطر والمشقة التي يتكلفونها حيث يصعدون الجبال الملتوية والوعرة للوصول الى اقرب مدرسة في قرية المثلوثة، والصغار يضطرون للمغادرة مع اذان الفجر للوصول اليها كما اخبرني ذووهم.
وهنالك مطالب اخرى تتعلق بترميم بعض المدارس.
وان كافة هذه المذكرات قابلتها الوزارة بالاهمال الذريع، وصمت اذانها عنها، ولم تكن لتتجاوب حتى اخذت حركة الاحتجاج تتصاعد في المجتمع، وبدأت الدعوات للاضرابات والاعتصامات التي تشمل الطلاب واهاليهم ، ووقف العملية التعليمية، وفعلا وقف اهالي القرى امام بوابات بعض المدارس، عند ذلك اسرعت الوزارة للالتقاء بالاهالي، واطلاق الوعود بالحل، وبدا ان هذه القضايا قابلة للحل، وقد اتخذت بعض القرارات الخاصة بها.
وبذلك تثبت هذه الوزارة انها بسياساتها الرعناء تستدعي الشارع، ولا تستجيب سوى لصوت الاعتصامات ، وانها لا تحافظ على الامن الوطني، ولا تستجيب بالقدر الذي يجنبنا الفوضى ، وانها غير قادرة على اتخاذ القرار سوى تحت ضغط الشارع، خاصة وان بعض المطالب مضت عليها السنوات دون حل.
وبذلك لا بد من تحريك رواكد هذه الوزارة ، وايجاد هيكل اداري جديد يعمل على تفعيلها، ويكون قادرا على اتخاذ القرار المستقبلي، ووقف حالة الجمود التي تنتابها. وان نظرة الى الية عمل هذه الوزارة ستظهر مقدار عجزها عن مواكبة العصر، وهي تعتمد الطريقة اليدوية ، والملفات التي تحوي عشرات التواقيع لاتمام المعاملة الواحدة.
لقد ارسى فشل وزارة الزراعة في التعامل مع مطالب عمال المياومة في الماضي مناخات تبلور حراك شعبي تطور بعد ذلك الى مجمل ما شهدته الساحة الاردنية في السنتين الماضيتين من اضطراب، واني لارى ان فشل وزارة التربية والتعليم عن اتخاذ القرارات الصحيحة في حق شرائح مجتمعية سيؤسس لمعارضة شعبية من نوع جديد.

النائب علي السنيد