الرقابة الغائبة عن المؤسسات المالية

هل هناك رقابة حقيقية كاملة على المؤسسات التي تتعامل بالاقراض؟ والجواب نعم يوجد رقابة ولكنها ناقصة ومتغاضية أحيانا!
وفي حالات أخرى فان بعض التجاوزات أو الظلم محمي بنص القانون الذي تم تفصيله في حينه ليلائم الوضع !!
وعلى سبيل المثال لا يوجد من يتابع عدد الموظفين الذين قدموا أستقالاتهم من البنوك خلال العام الماضي بسبب التمييز في الرواتب أو نقص المزايا وتضاؤل فرص المنافسة على الترقيات بسبب الواسطة والمحاباة، وهذا الجانب بالذات غير محمي بنص أي قانون ولا رقابة عليه لغير الضمير الذي يمكن أن يأخذ غفوة أحيانا، ويظل الموظف هو الطرف الوحيد في المعادلة وخاصة في ظروف البطالة وتناقص فرص العمل.
ومثال أخر، لاتوجد رقابة على ما يتقاضاه رئيس وأعضاء مجلس الادارة والمدير العام من مكافآت نهاية السنة على الانتصارات المالية التي حققوها، وكانت ستتحقق تلقائيا لو كانوا في أجازة لمدة عام، وقد رأينا كيف أن رئيس مجلس أدارة أصغر بنك في الاردن تقاضى في العام الماضي مكافأة أعلى من المكافأة التي تقاضاها رئيس مجلس أدارة أكبر بنك أردني، وفي حين ملأ الاول الدنيا فخرا بانجازاته المتواضعة لم يتحدث الثاني رغم كل الارباح الضخمة التي حققتها مؤسسته.
ما هو معيار توزيع المكافآت السنوية ؟؟ لا أحد يعرف !! مجلس الادارة يقرر أقتسام مبلغ كبير كمكافآت والهيئة العامة التي يسيطر عليها مجلس الادارة تقرر الموافقة.
يفترض أن يكون هناك معيارا محددا لتوزيع المكافآت وخاصة بين البنوك بحيث تتناسب المكافأة مع الارباح المتحققة وبسقف أعلى محدد لا يجب تجاوزه، فالبنوك شركات مساهمة عامة والقانون يعتبر أموالها أموالا عامة ولذا فان الرقابة ينبغي أن تكون أدارية الى حد ما بجانب الرقابة المالية، ولا بد من تعديل قانون العمل بأن يفرد العاملين في الشركات المساهمة العامة بفصل خاص وأحكام خاصة فلا يمكن النظر الى موظف في شركة تضامن أو مؤسسة خاصة بنفس المستوى القانوني لموظف في شركة مساهمة عامة حيث يدير قادة الشركة أموال الغير ويحتمل أن يتحكم الهوى الشخصي والمصلحة العائلية أو الجهوية أو المالية بقراراتهم.
وفي جانب مالي آخر تعمل شركات تمويل لمشاريع صغيرة على أقراض ربات بيوت وفئات فقيرة في المجتمع قروضا صغيرة بفوائد تجاوزت في بعضها أربعة أضعاف الفائدة التي تتقاضاها البنوك التجارية، ومن الغريب العجيب أنها مسجلة كشركات غير ربحية، الهدف منها مساعدة فئات فقيرة مستهدفة لأنشاء مشاريع صغيرة منتجة تعين الاسرة وتنتشلها من الفقر والسؤال الى الانتاج والعطاء، ولكن وفي غياب الرقابة أخذت بعض تلك الشركات تقرض مبالغ صغيرة لا تتجاوز الف دينار بفائدة تصل الى ثلاثين بالمائة ودون وجود أي مشروع انتاجي الامر الذي يستنزف الاسر الفقيرة ويزيدها فقرا.
المدهش في الموضوع أن بعض تلك الشركات ( غير الربحية ) تحصل على التمويل من صندوق التنمية والتشغيل بفائدة رمزية ربما لا تتجاوز خمسة بالمائة لتعيد أقراض المبلغ، وتحقق ارباحا طائلة، ورغم أنها لا توزع أرباحا على الشركاء الذين أسسوا الشركة بوحي من ضمير وحس وطني وتطوع لخدمة المجتمع، الا أنه لا توجد رقابة على الرواتب وأنواع السيارات والمكاتب.. الخ، وبعض تلك الشركات (يشحد) باسم الفقراء من المؤسسات الدولية والدول المانحة وتحصل على الاموال كمنح وتعيد أقراضها بنفس الطريقة.
فهناك من يمتص دماء الفقراء والرقابة غائبة!