رئيس التحرير



في مرحلة الطفولة أنت مُصاب بالدهشة مما حولك ، والغريب أن كل من حولك مُصابون بالدهشة منك ، ومن كل ما تفعله ، وكلما كبرت عاماً تنحسر الدهشة حتى تعيش في واقع موجع ، ومن يبقى صغيراً سيرى كل من حوله كبيراً ، ويبقى مسكوناً بدهشة خادعة ، هذا ما يعيشه الكثير من سكان عالمنا الثالث ، إنهم صغار مسكونون بالدهشة الخادعة التي تأتيهم من فعل الكبار الوهميين .
عندما كنت صغيراً لم أفهم معنى عبارة رئيس تحرير ، وكنت أعجب كيف يكون محمد حسنين هيكل رئيس تحرير وهو لم يحرر فلسطين بعد ، وحين كبرت علمت ما معنى هذه العبارة ، وضحكت من طفولتي ، لكنني لم أعنفها ، ففي تلك المرحلة عوالم من الدهشة غير الخادعة ، ونحسبها في باب الطرائف .
رئيس التحرير في أي عمل صحافي هو الذي يحتفظ بحقه الكامل في
1 – منع أي مقال من النشر دون إبداء الأسباب
2 – حذف أي عبارة من النص دون الرجوع إلى الكاتب
3 – إضافة أي عبارة يراها هو مناسبة
4 – تعديل النص كاملاً
وهو في كل ذلك تابع لقوة أكبر منه هي التي منحته كل الحقوق السابقة ، وأعطته الصلاحية للقيام بهذا العمل بدلاً منها ، لذا عليه الرجوع إليها عند ممارسته حقه في كل شيء ، وبالتالي فهو منفذ فقط لتعليمات الوظيفة تحت اسم كبير " رئيس التحرير ".
أتساءل اليوم ، هل الحاكم العربي رئيس تحرير الشعوب ؟ وهل الشعوب كلمات يُمكن له المنع والحذف والتعديل عليها ؟ أسئلة الكبار موجعة كما هي أسئلة الأطفال ، وهل للحاكم العربي قوة كبرى هي التي منحته الحق في التعديل والحذف والمنع وعليه بالتالي تنفيذ أوامرها ؟ ألم أقل لكم إن أسئلة الكبار موجعة
2أعجبني ·