المحامي فيصل البطاينة يكتب : قراءات مستقبلية للحكومة

أخبار البلد - بداية علينا أن ندرك أن معروف البخيت سنة 2005 الذي تنقل من المؤسسة العسكرية إلى السلك السياسي إلى المطبخ السياسي الأردني بفترة وجيزة ليس هو معروف البخيت سنة 2011 الذي قضى بعدها سنوات منغمساً في الشارع الأردني بريفه و بواديه و قراه و مدنه و مخيماته بما تحويه تلك المناطق من مؤسسات للمجتمع المدني و الجامعات ، فأصبح الرجل ذو تجربة مكنته من أن يعود إلى الدوار الرابع غني بالخبرة التي اكتسبها بعد مغادرته ذلك الدوار قبل سنوات .

 

لقد تحرك الشارع العربي من المحيط إلى الخليج حيث تجلت التحركات بالمسيرات الشعبية في بعض المدن و العواصم العربية و كان لنا نصيب بها رغم خصوصيتنا نظاماً و شعباً . فالنظام هو ملكي دستوري جاء برغبة الأردنيين و لم يأت على دبابة منذ أن اجتمع الأردنيون و توافقوا على توحيد حكوماتهم المحلية بحكومة واحدة يرأسها أمير هاشمي استقبلوه في معان لأنه مخلصهم و إبن منقذ أمتهم ، و يأتي من بعده راعي الدستور المغفورله الملك طلال ليأتي من بعده الملك الباني الحسين العظيم طيب الله ثراه و ليسلم الراية إلى عميد آل البيت الملك المعزز عبد الله الثاني بن الحسين حفظه المولى و رعاه . أما خصوصية الشعب الأردني فهي التي تجلت على مدى الأيام بالإنتماء للوطن والموالاه للقيادة الهاشمية الراشدة التي أنعم الله علينا بها .

 

وعودة الى الموضوع وعلى أثر المسيرات العفوية في ذيبان ومادبا والكرك والسلط ومعان وإربد التي جائت مصاحبة للمسيرات في تونس وصنعاء والقاهرة لكنها مختلفة عنها من حيث الأهداف فاهدافنا كانت تنحصر في تغيير الحكومة بعد أن منح مجلس النواب ثقته له على اعتبار أنها حكومة جديدة وليست الحكومة مر عليها أكثر من عام وأكثر من امتحان فشلت فيه . على أثر ذلك أستدعى القائد عدد من الرجالات الأوفياء للتشاور معهم فيما يدور على الساحة الأردنية وكان معروف البخيت واحد من أولئك الذي تقدم بورقة تتضمن ما يحتاجه الأردنيون من اصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية جائت منسجمة جامعة لرغبة القائد وحاجات الأردنيين ، حيث كلفه القائد بتشكيل الحكومة التي ستكون عوناً لنا لا عبئاً علينا.

 

ولا شك أن الأخطاء التي أرتكبتها حكومة البخيت الأولى قد أعطته دروساً سوف يستفيد منه في اختيار طاقم وزاري على مسؤوليته الشخصية بدون أن تتدخل باختياره أية جهة كانت وتكون حكومته الجديدة خالية من أعضاء الحكومة السابقة رغم أن منهم من حاول ولم يفلح نتيجة تخبط الرئيس السابق الناجم عن ضعف الخبرة بشؤون الحكومة معتقداً ان ادارة الأوطان كإدارة الشركات ، فالمستقبل ينبئنا بتشكيل حكومي قادر على ترجمة كتاب التكليف مع تطلعات الشعب الأردني التي لا تطالب بأكثر من ترجمة كتاب التكليف بالإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، تشكيل حكومي يعتمد على التكنوقراط والخبرة أكثر من اعتماده على رجال الأعمال وحيتان السوق وضغوطاتهم .حكومة تعطي الشباب دورهم لكن ليس على حساب الوطن والخبرات المكتنزة في المخضرمين من أبنائه .

 

ان مستقبل الإصلاحات السياسية مرسوم عن طريق إفراز سلطة تشريعية بموجب قانون انتخاب عصري يتلائم مع واقعنا الإجتماعي الأردني ومع تطور مفهوم الدولة الحديث خاصةً انّا لا زلنا في مرحلة مبتدئة بموضوع الأحزاب التي لم يقدر لها ان تتبلور كما أرادها القائد والشعب ، لذا قد تلجأ الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني لإصدار قانون انتخاب يعتمد الوسطية بين التمثيل النسبي وبين الكوتا والواقع الإجتماعي الأردني وان تم ذلك لا أعتقد ان هناك ما يمنع من إجراء انتخابات على ضوء هذا القانون وبدون أي تدخل رسمي فيما ستفرزه الإنتخابات على ضوئه .

 

        خلاصة القول ان التفاؤل بالحكومة الجديدة وعلى ضوء كتاب التكليف السامي هو ما يسيطر اليوم على الشارع الأردني العفوي الذي لا أجندات لديه الا المحافظة على الأمن والاستقرار ولقمة العيش بأجواء الحريات المسؤولة في التعبير والرأي وعدم الطموح غير المشروع بالوصول الى المراكز مخالفةً لقاعدة (الرجل المناسب في المكان المناسب) أو مخالفة لقاعدة ( التوريث السياسي) في المناصب الرسمية بالسلطتين أو مخالفة لمبدأ فصل السلطات واستقلال القضاء بالتغول عليه من قبل السلطة التنفيذية ، والأمل معقود على رئيس هذه الحكومة بأن يكون منسجماً مع ما كان يطرحه في الجامعات وفي المنابر الرسمية والإعلامية خاصةً في اختياره وزرائه الذين يجب أن يتحمل الرئيس مسؤوليته باختيارهم بعد ان أستفاد من تجاربه بالحكومة التي ترأسها قبل سنوات يوم زورت الانتخابات من قبل خصومه الذين أشار اليهم عند استقالته آنذاك للقائد بأنه لا يجيد لعب الثلاث ورقات مع أولئك والذين أراحنا منهم القائد الى غير رجعة ، وقضية الكازينو التي حاول بعض وزرائه بالمجلس المصغر تمريرها على الحكومة التي وافقت عليها ومن ثم ألغتها لتأتي الحكومة التي بعدها وتفاوض على أراضينا بالبحر الميت من أجل هذه القضية ومع ذلك وبكل جرأة وشفافية يعلن معروف البخيت أن لن يبتعد أو يبعد غيره عن الخضوع للمسائلة بأي موضوع فيه شبهة فساد . مثلما يعلن أنه سيعيد النظر بكل القوانين والإجراءات التي أتخذتها الحكومة السابقة بحق السلطة الرابعة التي طالما ما أمر القائد بأن تكون لهذه السلطة حرية سقفها السماء لأن أبنائها هم أول من يلتزم بالحرية المسؤولة .

 

حمى الله الأردن والأردنيين الذين شعارهم على الدوام

الله ... الوطن .... الملك .

وان غداً لناظره قريب