الانتخابات البلدية: عزوف شعبي وتخبّط رسمي!




كالعادة يخرج علينا الوزراء المعّنيون بالانتخابات البلدية، ليتبادلوا التهاني، والتبريكات على جهودهم التي بذلوها في إنجاح العرس الديمقراطي بدرجة كادت أن تفوق الامتياز، وتناسى أصحاب المعالي العزوف الشعبي عن الإقبال على صناديق الاقتراع، حتى باتت النسب المئوية خجولة في بعض المحافظات، والبوادي، ممّا تسبب بالحرج للحكومة التي لم تستطع ماكينتها الإعلامية الرسمية، ولا دوائرها الرسمية في إقناع المواطنين بالمشاركة بالعرس الديمقراطي الذي خلا من النكهة الشعبية، والحماسة الشبابية، والأجواء الانتخابية.
لم يستطع أصحاب المعالي أن يجيبوا على أسئلة الصحفيين عن السبب الوجيه الذي قاطع من خلاله القطاعات الشعبية الواسعة من الأردنيين الانتخابات البلدية، وما الذي يجوب في خواطر الأردنيين ويكدّر من مزاجهم النفسي في الوصول لصناديق الانتخاب ويختاروا من يمثلهم في بلديات المملكة؟ ومن المسئول الحقيقي عن تراجع معنويات الأردنيون في المشاركة بالعملية الإصلاحية المفترضة.

إذن! مشاهد تراجيدية حزينة ونحن نشاهد بعض ساحات المدارس، والمسارح، والجامعات تخلو من الناخبين، والأنصار، والمؤازرين، حتى باتت اللجان المشرفة على عملية الاقتراع كأنها في نزهة تستمتع من خلالها بالأجواء الانتخابية الخالية من دسم الفوضى المحببة، والمشاحنات الطيبة، والابتسامات الغامضة، وأصوات السيارات المزعجة، والعتاب المتعالي الصوت بين أنصار المرشحين على صوت غادر مكانه المفضل.

أيّ نجاح ﺇذن تتحدث عنه الحكومات؟ في ظل توتر شعبي من إجراءات الحكومة الاقتصادية التي قتلت من خلالها الدافع الرئيس للإقبال على صناديق الانتخاب، فأصبح همّهم الوحيد كيفية قضاء يومهم بدون منغّصات ضرائبية، أو جراحة إصلاحية تحدّ من قدرتهم الشرائية وتوفير متطلباتهم اليومية بعد خروجهم من أجواء شهر رمضان الكريم، والاحتفال بالعيد، والاستعداد لموسم المدارس المحمّل بالمزيد من الأعباء المادية القادمة.

استمعنا للحكومات، وماكيناتهم الإعلامية منذ سنوات خلت، فحان الوقت للحكومة أن تستمتع لشعبها وتتساءل عن الأسباب الواهية، التي أدّت إلى فقدان الشعب الثقة بالانتخابات وإجراءاتها الإصلاحية، وعن الآفات الاجتماعية التي باتت تشكل خطراً على منظومة الدولة كالعنف المجتمعي، والسرقات، والعبث بمؤسسات الدولة، فضلاً عن الفساد، والواسطة، والجهوية، والشللية.

يسجّل للحكومة إنها ساهمت في إجراء الانتخابات البلدية، والبرلمانية في مدة زمنية محدودة، ولكنها تناست أوجاع المواطنين الاقتصادية، وهمومهم المادية.