التهديدات الأميركية لدمشق... بين التحليلات والوقائع



الأزمة السورية تدخل سردابا جديدا بعد مناورات سياسية وعسكرية عدة لتأجيج الأوضاع فيها. الخطاب الغربي يتصاعد أكثر ويأخذ حيزه الأوضح.. الكروز يستقل بوارج أميركية إلى المتوسط، أما المنبر الأمريكي فيوجه الأنظار تجاه جدلية "تنافي الفعل مع القول المكثف".

الى ذلك وبعد التهديد الاميركي بتوجيه ضربة عسكرية مباشرة إلى دمشق بما يتلاقى مع قرارات مجلس الامن، يتعالى صوت حلفائها بعدم الضرورة لقرار أممي بتصريحات اشبه بتحرك عقارب بيغ بن بالاتجاه المعاكس، البداية امريكية وبإعلان نية مشاركة تركية، التهويل مازال مستمرا حتى اللحظة وبنك الأهداف الجديد في سورية يتلاقى وتحركات لدول حليفة مع دمشق، المؤشرات التحليلية التي تلاقت مع الواقع كفيلة بطمأنة السوريين لعدم انهمار الصواريخ الأمريكية عليهم، اما رد الحكومة السورية فكان واثقا كالعادة، واتسم بحكمة معهودة أطلق عليها البعض "حكمة السياسة السورية ".

ففي لقاءات خاصة للمنار، جاء في كلام الدكتور خلف المفتاح عضو القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي رؤية تقول "ان أميركا تريد ان تدخل على الخط بشكل مباشر بعد ما فرغت منه من محاولات فاشلة في اسقاط الدولة السورية من خلال دول الخليج ودعم المجموعات المسلحة في سورية، تحت ذريعة السلاح الكيماوي"، كما يرى انه لا بد من أخذ التهديدات بعين الاعتبار دون ان يؤثر ذلك في موقف سورية السياسي.

وفي تصريحه يقول أيضا "أن أمريكا ربما تحاول ان تحدد مسرحا للعمليات العسكرية خاصة أن الأردن الان هو غرفة عمليات للاستخبارات الأمريكية الاسرائيلية والتركية، ومن هنا أميركا تخلق مناخا للعدوان على سورية بذريعة الكيماوي" .
 الدكتور خلف المفتاح يرى أيضا كلفة كبيرة على من سيقوم  بأي عدوان على سورية، ويضيف " ردة الفعل ستكون كفيلة بمنع العدوان عن سورية، وفي حال حدوث ذلك في سورية فهذا يعني انه سيحين دور باقي المنظومة الاستراتيجية، ومن هنا سيكون ردا قويا، وبالتالي كرة النار ان حدثت لن تقف عند الحدود السورية بل ستمتد الى كل المنطقة الاقليمية". 

اما من ناحية تحليلية فيقول الدكتور أسامة دنورة الباحث في الشؤون الاستراتيجية ان "الولايات المتحدة الامريكية تدرك تماما ان عدوانها على سوريا سيحكمه ما يمكن أن يطلق عليه استراتيجيا مبدأ التدمير الشامل المتبادل، أي أن أي عدوان على سوريا سيستتبعه صدام شامل في المنطقة لن تنجو من تبعاته لا منطقة الخليج العربي ولا الكيان الصهيوني، وبالتالي سيضع ذلك المنطقة على حافة صدام شامل عسكري، وسيضع العالم برمته على حافة الصدام العسكري والسياسي" ليظهر النفي الاستراتيجي تحليليا للضربة العسكرية لسورية نفيا قويا، خاصة بعد ان أضاف الدكتور اسامة " تبدو التصريحات الامريكية متناقضة بشأن الأزمة السورية منذ بدايتها، ويعود ذلك الى محاولة الولايات الامريكية بشكل دائم تصعيد المعنويات لدى ادواتها الإقليمية وتفعيلها إلى مزيد من التضحيات في سبيل السياسة الامريكية أي أن تحرقها من أجل تحقيق أهدافها، وبالمقابل استنزاف السياسة السورية في تهديدات متواصلة وحرب نفسية متواصلة" ليتابع ويؤكد الدكتور أسامة دنورة في تحليله أن الحديث عن بنك الاهداف الذي حدثته الولايات المتحدة ما هو الا تواصل للحرب النفسية، من ناحية متصلة اكد أن السيناريو في الأمريكي في العراق لن يتكرر في سورية لأن سورية اليوم لديها حلفاء أقوياء يعتبرون حرب دمشق حربهم قاصدا بذلك التحالف الإيراني الصيني الروسي حول الازمة السورية.

بالمقابل وحول ما برز في القرار السوري بشأن التعامل مع الظروف الحالية من عمل للجنة التفتيش حول الكيماوي من ناحية والتهديدات الاميريكية  من تنسيق بين القيادة العسكرية من جانب والسياسية من آخر، يرى العميد حسن حسن الخبير في الشؤون الاستراتيجية أن الجيش العربي السوري له مهمة  حماية اللجنة وتأمين المنطقة من ناحية،  أما ما يدور حول التنسيق العسكري السياسي السوري، فيراه العميد حسن كفيلا برد التهديدات الأميركية دون توجيه الضربة . 

من جهته يرى خالد العبود عضو مجلس الشعب السوري أن هناك احتمالية لتوجيه عمل عسكري محدود لسورية، سينتهي بنسف كل ما بنته الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون المتآمرون على سورية خلال الفترة الماضية من الأزمة السورية، وسرعان ما ستلجأ اميركا لمحاولة لملمة عملها وإيقافه حين ترى المعركة  بدأت تخرج عن سيطرة الغربيين، وهذا كله حسب قول العبود من أجل حماية "اسرائيل" وحماية  حلفائها الغربيين. 

بعد التحليلات السياسية والعسكرية أغلبية النتائج تجمع إلى أن نتائج التهديدات الأمريكية لدمشق ستنتهي لمصلحة سورية وليس العكس خاصة من جهة ما صرحت به القيادة السورية من استعدادات لأي ضربة متوقعة أميركية ومن جهة أخرى ما يدور في ميدان الاقليم من ردات فعل دولية حليفة.