خمسة تفسيرات حول لغز الباص السـريع!


يبدو أن "توصية نهائية” مقدمة للحكومة سوف تطالب بوقف العمل في مشروع الباص السريع الذي كان محاولة أولى وأخشى أن تكون أخيرة لحل أزمة النقل العام في عمان. بعد عدة سنوات من القرارات المتناقضة والتوصيات واللجان الهندسية والتي درست الموضوع من كافة جوانبه، بدون أن يحصل سكان عمان على اية معلومات حول هذه الدراسات من قبل وسائل الإعلام تم اتخاذ قرار على ما يبدو بعدم إمكانية التنفيذ. ما هي التفسيرات الممكنة لهذا اللغز العجيب؟ ها هي بعض التفسيرات التي يمكن أن أفكر بها.


1- ممارسة هندسة الطرق في عمان تختلف تماما عن بقية العالم. إذا كان الباص السريع قد نجح في لاجوس عاصمة نيجيريا وفي اسطنبول وفي بوجوتا في كولومبيا وعدة مدن من العالم الثالث إضافة طبعا إلى نجاحه الباهر في الدول المتقدمة، يمكن الافتراض بأن من وضع فكرة المشروع ومخططاته الهندسية درس مساقات أخرى في هندسة الطرق ومسارات الباص السريع.


2- اللجان الحكومية والاستشارية المختصة التي طالبت بوقف المشروع هي التي لم تدرس الهندسة بالطريقة الصحيحة، وملاحظاتها حول عدم امكانية تنفيذ المشروع لا تتناسب مع حقيقة تنفيذه بشكل ناجح في دول أخرى خاصة أنها لم تقدم حلولا للوضع الراهن بقدر ما أصدرت حكما بالإعدام على المشروع.
3- الوكالة الفرنسية للتنمية، والتي مولت المشروع من أموال دافع الضرائب الفرنسي في ظل معاناة اقتصادية في أوروبا لم تتعب نفسها في قراءة وثائق العطاءات والمخططات الهندسية والموازنات وقامت بصرف الأموال بدون اي مراجعة علمية وهندسية صحيحة. بهذا يمكن القول أن المهندسين في الوكالة الفرنسية هم الذين لم يدرسوا الهندسة بشكل صحيح مقارنة بالمهندسين الذي أكدوا عدم امكانية التنفيذ. على كل حال فإن إيقاف المشروع يعني إلغاء القرض الفرنسي.
4- توجد عدة مصالح متناقضة ومتضاربة في عالم شركات الهندسة والمؤسسات التي فازت بالعطاءات والتي خسرت، والمسؤولين الذين كانوا في الأمانة وغادروها ثم انتقدوا المشروع بحيث اصبحت المصلحة العامة لعبة في أيديهم مقابل أولوية صراع المصالح الخاصة.
5- اللوبي القوي لأصحاب شركات الباصات والتاكسيات في عمان لعب دورا كبيرا في الضغط من أجل إنهاء المشروع الوحيد الذي كمان سيحل أزمة النقل العام ويخدم المواطنين باسعار معقولة وبالتالي يهدد مصالح أصحاب هذه الشركات والذين يملكون نفوذا سياسيا واجتماعيا كبيرا.
بصراحة لا أرى اي تفسير آخر، خاصة في ظل عدم منح سكان عمان، على الأقل المهندسين والخبراء منهم فرصة الإطلاع على التقارير والدراسات والتوصيات الكاملة سواء الداعمة أو الرافضة للمشروع والغياب التام للشفافية في اتخاذ القرار.
batirw@yahoo.com