عائلات تتذمر من كلفة الحقائب واللوازم المدرسية

 

أخبار البلد
"يا ريت لو كانت المدرسة كل يوم".. جملة قالتها ابنة الصف الرابع رانيا رضوان وكأنها لا تريد العطلة، وتتحدث بشغف وبراءة عن اشتياقها لعقاب المعلمة؛ لمشاغبتها في اثناء شرح الدرس، وتتذكر وعينها على الافق، وترسم على شفتيها ابتسامة لأنها كانت تتخلى عن شغبها عند رؤية اكياس الهدايا التي كانت من نصيب الهادئات او المجتهدات.
اما اخوها محمد فهو ينتظر بفارغ الصبر لحظة زيارة السوق لشراء اول حقيبة مدرسية له؛ كونه سيسجل كطالب جديد بمرحلة الروضة، أما الصغيرة ربى ابنة الصف الثاني فضحكت وهي تتحدث عن رغبتها للعودة الى المدرسة؛ بسبب شراء بعض قطع الحلوى من بقالة تقع بالقرب من مدرستها، اضافة الى اشتياقها للعب مع صديقاتها في باحات المدرسة.
إلا أن هذه الضحكات والابتسامات البريئة تتلاشى عندما تتذكر ام محمد المصاريف التي تنتظرها، والتي تحاول أن لا تشعر أبناءها بها لإبقاء تلك الابتسامة على وجوههم، فما يقلقها هو تأمين مواصلات آمنة لبناتها ذهابا وإيابا الى المدرسة؛ كونهن صغيرات في العمر. وتقول: "إن اهم شيء أبحثُ عنه هو تأمين المواصلات لهن حتى اطمئن عليهن من دون الشعور بالخوف، إلا أن أجرة السيارت الخاصة التي تتكفل بهذه المهمة اصبحت مرتفعة بحجة غلاء اسعار البنزين؛ حيث كانت تدفع أم محمد السنة الماضية شهريا ما يقارب 30 ديناراً، وتتوقع ان ترتفع الاسعار الى 40 ديناراً".
وهنا تتطرح سؤالا عن عدم تأمين المواصلات لطلاب المدارس الحكومية او مدارس وكالة الغوث -على حد سواء- كمعظم البلاد العربية.
اما عن باقي احتياجات ابنائها فقالت إنها لن تشتري حقائب إلا لابنها محمد، أما رانيا وربى فقد وفرت لهن الحقائب خلال المنتصف الثاني من السنة الماضية؛ كون اسعارها ارخص من أن تشتريها هذه الايام؛ حيث بلغ سعر الحقيبة الواحدة ما يقارب 10 دنانير من النوعية الجيدة، اما "مراييل" المدرسة فهو متوفر لديهن من العام الماضي ايضا، وهي تفكر فقط بشراء احذية مناسبة لهن، وتتوقع انها لن تجد حذاء سعره اقل من 10 دنانير.
اما مصاريف محمد ابن الروضة، فهي ستدفع رسوم تسجيل 70 دينارا، واقساطها الشهرية ستكون 40 ديناراً بدلا 35 خلال السنوات الماضية؛ حيث ارتفعت اقساطها نتيجة الغلاء المستمر، وهذه روضة بمنطقة شعبية، فما بالمدارس والرياض الكائنة في المناطق الارقى؟
وأضافت أم محمد أن ما يزيد العبء على العائلة أن بعض المعلمات يطلبن من طلابهن خلال الفصل الثاني من العام الدراسي تجديد دفاترهم، بالرغم من عدم استهلاك الدفاتر القديمة بشكل كامل.
ولم تكتف أم محمد بالحديث عن معاناتها لتسرد لنا معاناة أختها مع أبنائها الثلاثة السنة الماضية؛ حيث كلفها شراء ما يلزم لعودة ابنائها الى المدرسة ما يقارب 120 ديناراً، اثنان في المرحلة الابتدائية وآخر في المرحلة الاعدادية التي ستلتحق هذه السنة بالمرحلة الثانوية، وهذا يعني ان المصاريف في ازدياد كون تأمين كتب المرحلة الثانوية تقع على كاهل الاسرة، طبعا 120 ديناراً ومعظم الاشياء لم تشتريها!
من جهة أخرى، تحدثت إلينا أم أخرى تعمل في مجال التعليم في إحدى المدارس الحكومية وهي أم لخمسة ابناء، اصغرهم في الروضة واكبرهم في الصف التاسع، حيث ذكرت بشيء من التفصيل ان شراء الدفاتر، والقليل من القرطاسية قد كلفها 40 ديناراً، وهي لم تشتر حقائب لأبنائها، بل قامت باستصلاح حقائب السنة الماضية، ولو أرادت ان تشتري لكل واحد من ابنائها حقيبة فهي ستحتاج الى ما يقارب 50 ديناراً؛ باعتبار أرخص الحقائب سعرها 10 دنانير.
بالنسبة لـ"مراييل" بناتها فقد اضطرت إلى أن تشتري فقط لابنتيها الكبيرتين؛ كون احداهن انتقلت من المرحلة الابتدائية الى الاعدادية، وقد بلغ سعر المريول الواحد 7 دنانير، وأما ابنتها في المرحلة الابتدائية فقد وفرت لهن "المرايل" من السنة الماضية، وبالنسبة للاحذية والبنطلونات التي تحتاجها بناتها فوفرتهم من خلال العيد، وتنهي حديثها بقولها: "نكسة" ولو انها لم تقتصد بشراء احتياجات ابنائها للمدرسة، فلربما دفعت ما يزيد على 150 دينارا.
ولمشكلة المواصلات بالنسبة لها حكاية اخرى؛ حيث إن السيارت الخاصة او الباصات التي انتشرت في ايامنا هذه لإيصال المعلمين او الطلاب -على حد سواء- فارتفعت مطالبتهم مقابل تقديم الخدمة التوصيل كنتيجة طبيعية لارتفاع اسعار المحروقات، فقد كانت تدفع السنة الماضية شهريا ما يقارب 70 ديناراً، أما هذه السنة فلم تجد أحداً يوصلها الى المدرسة بهذا المبلغ! فأقلهم يطلب 80 ديناراً، فأين هي الوزارة لتوفر وسائل مواصلات للمعلمين بشكل مجاني؟ على الاقل ما يسبب لهم توفيرا في مصاريف الدراسة لابنائهم؟
لكن الشيء الوحيد التي تستفيد منه هو قرار الوزارة بتخصيص 20% من مقاعد الروضة لابناء المعلمات، وهي بهذا توفر بعض المصاريف لابنها الصغير.
لننتقل الى ام حسام وهي الاخرى معلمة وام لثلاثة ابناء اصغرهم في الصف الاول واكبرهم بالصف الرابع، وهي تعمل في مدرسة خاصة؛ حيث إنها تستفيد فقط من عدم دفعها رسوم التسجيل البالغة 100 دينار عن كل طالب التي تخصم فيما بعد من القسط السنوي. واوضحت ان بعض المدراس الخاصة تطالب أولياء الامور بدفع رسوم تسجيل مقداره ما بين 30 – 50 ديناراً، وهي غير مستردة، ولا تخصم من الرسوم الدراسية.
اما عن تفاصيل مصاريف المدرسة، فتقول أم حسام إنها اشترت بما يقارب 50 ديناراً فقط رزمة دفاتر 60 ورقة ودفاتر اخرى، اضافة الى بعض القرطاسية والاقلام، وإن الذي دعاها إلى شراء هذه الكمية الكبيرة من الدفاتر أن ابنتها الصغرى وحدها ستحتاج الى ما يقارب 11 دفتراً، فكم سيحتاج ابنها الكبير وهو بالصف الرابع؟
وأبدت أم حسام تذمرها من كثرة المصاريف، خصوصاً أن بدء العام الدراسي جاء بعد مصاريف العيد؛ حيث قامت بشراء حقائب لكل ابنائها، وقد بلغت اسعارها 10 دنانير للحقيبة الواحدة. وتتمنى أن لا تحتاج إلى شراء حقائب اخرى خلال العام الدراسي؛ بسبب تدني جودتها ولأعداد الكتب والدفاتر الكبيرة التي يضطر الطالب إلى حملها دون مراعاة قدرته على التحمل، او المخاطر الصحية التي قد يتعرض لها الطالب، فقد اضطرت ام حسام إلى شراء ثلاث حقائب السنة الماضية لابنها حسام.
ومع اقتراب العام الدراسي الجديد، عاد النشاط الى السوق بعد ركودها لعدة ايام تلت ايام العيد، لتمتلئ شوراع السوق ومحلاتها بزوارها من جديد، وعند زيارتنا إحدى المحلات التي تقوم ببيع الزي المدرسي -سواء للبنات او الاولاد- أكد صاحبها ان ربحه من بيعها لا يتجاوز النصف دينار، وأن هناك إقبالاً جيداً على شرائها، حيث بلغ سعر "المريول الازرق" 6 دنانير، اما "المريول" الاخضر فقد تنوعت موديلاته فهناك الشنل وسعره 8 دنانير، أما العادي فـ 7 دنانير، وبلغ "المريول" الاخضر الطويل (المكسي) 10 دنانير، والبدلة الزرقاء للأولاد بلغ سعرها 6 دنانير، اما البيج فقد وصل سعرها الى 10 دنانير تقريبا.