عزاء 'إخواني' أميركي - تركي؟


بدا خطاب عبد الفتاح السيسي موجهاً ضمناً الى الادارة الاميركية اكثر منه الى "الاخوان المسلمين"، فليس سراً انه لم يعد ينقص البيت الابيض بعد امساك الجيش المصري بلوضع، سوى ان يفتح باراك اوباما في واشنطن ورجب طيب اردوغان في انقرة، سجلاً لقبول التعازي بسقوط مشروع "الشرق الاوسط الاخواني" المدمّر لكل أمل بالديموقراطية والتطور في هذه المنطقة بما يلائم اميركا واسرائيل ويغرق اردوغان في اوهام السلطنة والباب العالي!

كان السيسي ولا يزال يخوض مواجهتين، امنية مع "الاخوان" بعدما خطفوا الثورة وارادوا خنق مصر ومستقبلها، والثانية ديبلوماسية مع اميركا التي تراهن على ان يكون حكم "الاخوان" لمصر مقدمة لتعميم هيمنة اخوانية من المحيط الى الخليج وهو ما يحقق لها اربعة اهداف خبيثة:
اولاً - اقفال ابواب التطور والحداثة واسقاط فكرة الدولة المدنية الديموقراطية في الاقليم وجعل المنطقة بؤرة انغلاق ترتبط ضمناً بالرعاية الاميركية.
ثانياً - اقفال ملف الصراع العربي - الاسرائيلي لأن هموم "الاخوان" لا تلتفت الى المسألة القومية والوطنية وكانت الفاتحة رسالة محمد مرسي "الصديق الوفي" الى شمعون بيريس "الصديق المخلص"!
ثالثاً - جعل العالم العربي بإدارة مصرية تركية اخوانية وهو ما يفرض اثارة القلاقل والثورات في دول الخليج، وقد بكّر "الاخوان" في التآمر على دولة الامارات وأعدوا للتحرك في الكويت والسعودية والاردن وفق الاجندة الاميركية الاسرائيلية التركية!
رابعاً - محاولة تعميق الهوة المذهبية بين السنة والشيعة بما يؤدي الى انهاك العالم الاسلامي واضعافه، على رغم محاولات ايران المكشوفة مغازلة الاخوان والتحالف معهم ليس لاقتناع بهم بل لتحريكهم وإثارة المشاكل ضد الانظمة العربية!
منذ اللحظة الاولى وقفت واشنطن الى جانب الاخوان، السفيرة آن باترسون لم تتردد في دعوتهم الى مواصلة الحكم من رابعة العدوية، اما اوباما فكم بدا رخيصاً في تهديده بإلغاء المناورات المشتركة وبوقف "حفنة من الدولارات" لمصر التي تتلقى المليارات من السعودية والامارات والكويت.
قبل فض الاعتصام حاولت القاهرة الرد بتهذيب على واشنطن بقول الرئاسة "ان ما يحكمنا هو البيت المصري لا البيت الابيض ونحن لسنا اسرى للخارج "، فيما رفض السيسي تكراراً الرد على مكالمات اوباما الهاتفية، متعمداً تحويله الى الرئاسة المصرية لإثبات ان ما جرى ليس انقلاباً عسكرياً كما تزعم واشنطن.
وعندما يكرر السيسي ان من يتصور ان العنف سيركّع الدولة والمصريين عليه ان يراجع حساباته، وانه سيواجه الارهاب بكل حزم وان مصر تتسع للجميع وان "شرف حماية مصر اهم من شرف حكمها"، ربما يكون على اوباما المفجوع تقبل العزاء هو واردوغان في صمت ان لم يكن في حياء!