الحرب إقليمية مكشوفة


بحذر وإهتمام شديدين ، يراقب أصحاب القرار السياسي والأمني والعسكري لدى العدو الإسرائيلي ما يجري على حدود شمال فلسطين مع لبنان وسورية معاً ، وتنظر تل أبيب بفرح لإستنفزاف ثلاثة أطراف يقفون في خندق واحد بأشكال متفاوتة ، حزب الله ، سوريا ، وإيران ، وثلاثتهم متورطون معاً في مواجهة شرسه سياسية أمنية عسكرية عقائدية ضد المعارضة السورية المسلحة الأصولية ، وفي طليعتها تنظيم القاعدة وما يتفرع عنها ، في معركة مكشوفة ، لم تعد محلية الطابع ، ضد نظام غير ديمقراطي ، بل هي حرب مكشوفة محلية إقليمة دولية ليس لها علاقة بتطلعات الشعب السوري نحو التعددية والديمقراطية والأحتكام إلى صناديق الأقتراع ، ولذلك خصائصها وأليات العمل فيها ، وحتى أدواتها البشرية لم تعد وطنية الطابع بل إتسعت لتشمل دماء غير سورية لدى الطرفين سواء لدى المعارضة المسلحة بجيش من المتطوعين الأجانب ، أو لدى النظام بمتطوعين مماثلين ، لا يهدفون فقط منع سقوط النظام وإنهياره ، بل وهزيمة المشروع الأخر ودحره على الأرض السورية ، لأنه يستهدفهم في بلدانهم لبنان والعراق وإيران والشيشان ، ولذلك فالمعركة مفتوحة الأبعاد وإن إقتصرت فعالياتها على الأرض السورية .

إسرائيل تهتم بما يجري ، بقوة ، ومخططاتها جاهزة مستعدة للتدخل ، فيما لو جرى إنهيار ميزان القوى لصالح طرف ، فقد دفعت تل أبيب ثمن عدم إنتصارها في حرب 2006 على لبنان ، رغم النتائج التي حققتها بفرض الهدوء وإبعاد مقاتلي حزب الله عن الحدود ، وبسبب تلك النتائج إستقال وزير الحرب أنذاك عمير بيرتس ، ورئيس الأركان دان حلوتس ، ويكشف موشيه دافيد في تقرير له حمل عنوان " الحرب الدائرة قبل معركة لبنان الثالثة " عن إستعدادات جيش الأحتلال للحرب المقبلة على لبنان بقوله " صحيح يوجد هدوء الأن ، ولكن الواضح أن حرب لبنان الثالثة تقترب " ، ويقدرون لدى جيش الأحتلال وفق ما كتبه موشيه دافيد أن " عدد الصواريخ التي ستطلق من لبنان ستصل إلى الألاف ، وكمية لم يسبق للجبهة الداخلية أن واجهته من قبل ، وستصل الصواريخ إلى منطقة المركز ( وسط فلسطين ) " ولكن مقابل ذلك " لدى الجيش خطط إحتياط فتاكة على نحو خاص ستؤلم حزب الله ولبنان أكثر مما حصل في حرب لبنان الثانية 2006 ، وتتضمن ضربات مؤلمة من الجو ومناورة سريعة ووحشية من البر ، ولن يكون في لبنان شيئاً محصناً " .

قائد الجبهة الشمالية الإسرائيلي يائير غولان يقول " حزب الله أكثر تسلحاً وتدرباً وحذراً ، ولكنه متورط في سوريا ، وسوريا مشغولة بدمارها الذاتي ، وهو دمار وحشي إستخدمت فيه كافة أنواع الأسلحة " ويختصر لطمأنة الأسرائيليين بقوله " قيادة المنطقة الشمالية الأن قوية مدربة وخبيرة ، ومخازن الأسلحة مليئة ولدينا خطط ، ننتظر إستخدامها " .

ومع ذلك لا أحد يصغي للمنطق ولحلول واقعية تحفظ لسوريا أمنها وإستقرارها وهي تذوب في طاحونة لا تكل في إذابة الشعب السوري وجيشه وقدراته وإقتصاده وأمنه الوطني .


h.faraneh@yahoo.com