تعديل حكومي بالوضع الحالي من يكترث؟


فئة محدودة هذه الأيام من نخب وعامة مشغولة بأنباء إجراء تعديل ‏على حكومة عبدالله النسور الثانية، وكأن ذلك بالنسبة لهؤلاء ‏سيكون له تأثيرات مباشرة وغير ذلك على مجرى الحياة ‏السياسية والاقتصادية في البلاد.‏
في المقابل شريحة كبيرة من الناس ترقب الوضع الإقليمي غير ‏المستقر، وتقاوم بجيوب مثقوبة حالها الاجتماعي البائس وعدم قدرتها ‏على توفير أدنى متطلبات العيش من غذاء ودواء وتعليم، بعد ‏قرارات غير شعبية طالت الضرائب والأسعار.‏
على ذلك، لا يوجد أي إشارات تطمين بما يتعلق بالاستقرار ‏الداخلي وتأثيرات الأحداث على أمن العيش وبقاء الوضع الحالي ‏على علاته، في المقابل وفي وضع حساس يسمح لفئة ممارسة خطابات تحريضية ‏تعدت حدود اللباقة إن لم تكن في طياتها لغة تهديد.‏

صحيح أن الموقف الرسمي في وضع صعب بمنطقة تتصاعد ‏فيها وتيرة النزاعات والاضطرابات على اختلاف أشكالها، ويبدو ‏المشهد مربكا ككل ‏حتى للنخب السياسية قبل أصحاب القرار، ‏لكن على الأقل يستدعي ذلك رسم خارطة واضحة المعالم لا ‏يشوبها اللبس بما يتعلق بالمستقبل القريب.‏
الارتهان للدعم الخارجي ماليا وسياسيا فاق الحدود، والغريب أنه ‏لم يعالج حتى اللحظة أيا من المشاكل بل أضاف أعباء اقتصادية ‏وسياسية والمؤشرات على ذلك كثيرة من دين وعجز موازنة ‏وفقر وبطالة، غير تلك الصورة المشوهة التي ترسمها السياسة ‏الخارجية التي ناصبت العداء لكل من يسعى للإصلاح في ‏الخارج وانعكس بشكل فوري على الواقع الداخلي.‏

آليات التعديل أو حتى تكليف حكومة جديدة بالطبع ستكون ‏كما ‏اعتاد عليها أهل البلد وضمن معطيات الدستور التي منحت الملك ‏عبدالله الثاني القرار الأول والأخير، في السياق نفسه يبدو ‏السعي للمشاركة في صنع القرار في أدنى مستوياته ومعاونة ‏رأس الدولة على تلك الأعباء والتحديات لا يتجاوز حتى حدود ‏الخجل.‏
قبل أسابيع تسربت أنباء عن احداثيات جديدة وصفت بالقوية رغم ‏عدم تجليها بوضوح تشي بأن الملك ينوي اتخاذ اجراءات لافتة، وارتبط ‏ذلك بإحداث تغييرات جذرية في مفاصل الدولة بما في ذلك رحيل ‏مجلس النواب والحكومة وتعديلات 
قانونية، لكن شيئا لم يحدث.‏

ذهب بعضهم إلى القول إن تلك الأنباء جاءت على شكل أمانٍ من ‏مجتمع بنخبه وأناسه المتواضعين يستغرب الجمود  
إقليم ‏يحترق، وكانت إشارات تأييد واضحة لكنها لم ترق لمستويات ‏الشجاعة لذلك بقيت في حدود الإشاعات.‏
بيد أن آخرين دقوا على أوتار تحذر من أن أي تغيير داخلي ‏سيكون له تفاعلات مع الخارج، وبالتالي تأزيم الوضع الذي هو ‏بالاصل يعيش أزمة، بالتوازي مع قراءة تجزم بأن الأمور لا ‏تذهب في الاتجاه الصحيح، بل إن أخذ زمام المبادرة غالبا ما ‏سيكون أفضل من الترقب وبخاصة إذا عشعش فيه الحذر.