كبيرهم المموَّل لا يموت وصغيرهم المضلَّل مصيره التابوت .. شهــوة الحكــم

بقلم الاعلامي بسام العريان
" شهــوة الحكــم إذا أصبحــت حلــم المنـاضـل المســلم .. فإنـه غالبـاً مـا يفقــد إســلامـه قبـل أن يصـل إلى الكرســي "
الإسلام السياسي و المعركة التي أنهاها الجيش والشرطة قبل أن تبدأ جعلتنا نشاهد ظاهرة الخوارج والتي هي حالة نفسية تحدث للمتشددين عبر التاريخ أخبرنا عنها النبي صلى الله عليه وسلم وهم ليسوا كفارا ولكن ليسوا على منهج المسلمين ..
لو قام الخوارج بحمل السلاح فلا بد من الضرب على يدهم حتى تنتهي منهم والذي يقوم بذلك الحاكم عبر الشرطة والجيش فالخوارج ضلاليون يصدون عن سبيل الله يؤولون ويكفرون ..
ومن تلوثت يده بدم مسلم هو فاجر ومن قتل ذميا أو معاهدا فقد آذى الرسول صلى الله عليه وسلم ..

إن تعنت ومكابرة وإصرار المتظاهرين المؤيدين لجماعة الإخوان على البقاء في الميادين، مع تسرب أنباء ومقاطع مصورة، تدل بوضوح على أن المعتصمين يستعدون لمواجهة غير سلمية، في تحد واضح لهيبة دولة، وإصرار غريب على استقطاع جزء منها، وجعله خارج سيطرة الجهات الأمنية، فضلا عن استمرار الخطاب التحريضي القائم على فكرتي: الجهاد والاستشهاد، مما يحيل الاعتصام من صفته السلمية الظاهرة، إلى معسكر حاشد يسعى قادته إلى إثارة الفوضى، وخلق مواجهات دامية.

لا توجد دولة على وجه الأرض، ترضى باقتطاع جزء منها، وتحويله إلى ما يشبه الثكنة، بل والتحكم في مداخله ومخارجه، وخلق مؤسسات موقتة داخله، وعلى الرغم من ذلك فقد انتظرت السلطات المصرية النهاية السلمية 45 يوما، محاولة بشتى الوسائل إقناع المعتصمين بإخلاء الميادين، وإعادة الحياة إلى طبيعتها، والدخول في المسار السياسي من جديد، بيد أن ذلك كله لم يجد نفعا.
لا أحد يسعد بإراقة الدماء، ولا أحد يطرب للعنف، لكن هذه النتيجة كانت الخيار الذي أصرت عليه القيادات الإخوانية إصرارا، مستغلة العاطفة الدينية، ومتعلقة بشرعية منقوصة تحاول بها استدرار التعاطف الدولي.

لا يمكن تبرير تحويل الإخوان المسلمين في مصر للمساجد إلى نقاط للهجوم على المواطنين أو التحرك باتجاه المواقع الحكومية لتخريبها، وكذلك استخدامهم للنساء والأطفال كدروع بشرية يحتمون بهم، إلا بسوء النية سعياً لتحقيق مطالبهم في العودة للسلطة التي أضاعوها من يدهم بسلوكياتهم غير العقلانية واستئثارهم بالقرار ومنح مرشدهم الحرية في التدخل بشؤون الدولة وسياستها، وهذا ما أزعج الشعب فثار ضدهم نتيجة تراكمات على مدى عام لم يستطع خلاله المصريون أن يتصوروا مصر "إخوانية" بحتة من غير أطياف أخرى ألفها المشهد الداخلي.
حاول "الإخوان" منذ عزلهم بقرار شعبي غير مسبوق أن يظهروا كضحايا بمساعدة بعض وسائل الإعلام ودعم قوى دولية غير أن إرادة الشعب ظلت أقوى من كل ذلك على المستوى الداخلي، أما على المستوى الخارجي ..

وقد جاءت كلمة خادم الحرمين الشريفين قبل أيام لتضع النقاط على الحروف ولتبعث برسالة مفادها أن إرادات الشعوب يجب أن تحترم، وأن من يريدون تخريب مصر معروفون، وأن السعي لحل الأزمة خير من استمرار الفوضى وسفك الدماء، وأن تقسيم مصر مرفوض من قبل العرب.
هذا الموقف يسجل لخادم الحرمين الشريفين والذي قوبل من السيسي رجل مصر الأول بالتصفيق والترحيب والشكر والإمتنان لأن رسالته نظرت إلى مصلحة مصر وشعبها، وليس إلى مصلحة فئة دون غيرها، وعلى العالم كله خاصة الدول التي دعمت تلك الفئة أن تعي الرسالة والدرس، فما كان لفئة أن تستحوذ على قرار شعب كامل لم يعد يقبل بوجودها من أساسها وليس على رأس السلطة، إذ إن مجريات أحداث العنف التي يظنها "الإخوان" تصب في مصلحتهم أبعدت الناس عنهم كثيراً، ومعظم المتعاطفين معهم تخلوا عنهم، وبلغ الأمر أن قرر عدد من المنتمين إلى جماعة الإخوان رفع دعاوى قضائية ضد قياداتها لما تسببوا فيه من تخريب وقتل وسفك دماء.

كما أن إعلان جماعة الأخوان المسلمين في مصر عن خروج أنصارها بعد فضّ اعتصامي "رابعة العدوية" و"النهضة" من 28 مسجداً في القاهرة والجيزة في مظاهرات للرد على فض الاعتصامين، يعني أن قادة الجماعة يدركون النتائج التي لن تكون إلا مزيدا من الفوضى وهذا ما حدث فعلاً، وهم بذلك يهدفون إلى صناعة واقع جديد يتمثل في الاضطرابات وعدم الاستقرار إذا لم تكن السلطة لهم، وهذا السلوك لن يتجاوز كونه غياباً للنظرة السياسية الواعية لديهم إذ إنه لن يؤدي إلا إلى زيادة نفور المواطنين منهم.
إن استقرار مصر مرهون في حقيقته باستيعاب الإخوان أنهم ليسوا أهلاً للحكم، وألا يبقى لديهم سلاح، إذ لا يعقل أن يكون لدى الإخوان جيش مسلح يقاتل لمصالحهم، فيما جيش مصر موجود لحماية الوطن.