حكومة الاكفاء وليست الاوتار الحساسة
قبل سويعات قليلة من رحيل الرفاعي كنت قد بعثت مقالة للنشر بعنوان دولة الرئيس اسمعني لو سمحت, وان كانت قد نشرت في بعض المواقع واعتذرت مواقع اخرى بسبب التشكيل الحكومي الجديد لدولة البخيت, وان كنت اعتقد ان الخطاب حين وجهناه لدولة الرفاعي بلغة المنطق والعقل يجب ان يكون صالحا بنسبة عالية جدا الى أي دولة رئيس, لان الوطن هو الوطن ذاته والهم ذاته والحلم ذاته, وان تغيرت الأسماء والأبدان فلا يعني هذا ان التغير المنشود الايجابي السليم للوطن كله قد حصل فعليا, فالتشكيل الحكومي الجديد يُفترض انه سعيا لتغير الوسائل والطرق المتبعة, اما الأهداف الوطنية لنا جميعا فهي هي لا تتغير الا بمزيد من الأهداف الجديدة والمفيدة طبعا, وبالتالي فإننا حين نقترح او نساهم بفكرة معينة يجب ان تكون مفتوحة وإطارها غير ضيق لتصلح لأي حكومة جديدة بأي تشكيلة جديدة.
لم يكد البخيت يعلن للملأ عن توليه دفة الدوار الرابع الا وانهالت الطرقات على المسامير, مسمار الكازينوهات ومسمار شخصية الرئيس الجديد القديم, ومسمار ان التغير لن يحدث الا باستمرار التظاهرات او ما يدعيه البعض باطلا الثورة, وهذا أمر طبيعي ومتوقع لان بعض الذين كانوا يهاجمون الرفاعي لأجندات خاصة ومخططات مرسومة محددة لهم, لن يقفوا موقف المنتظر المستعد للتعاون مع أي حكومة جديدة خارج إطار من يتأملون به رئيسا, فمن يريد ذاك ويعمل من اجل عودته او تكليفه رئيسا للوزراء مهما كانت الشخصية القادمة سيهاجمها وينتقدها, ومن في نفسه بعضا من أحلام السوء البغيضة بخصوص الثورة والنظام وإعادة تشكيل دستور جديد يخدم أهدافا معينة خاصة لن يهمه ولن يكترث لأي رئيس وزراء جديد حتى لو كان منزلا من السماء, ولكنني أرى ان هذه فرصة جيدة ومناسبة ايضا للأغلبية الوطنية الحقيقية ليكشفوا عن زيف هؤلاء وكذبهم, وهي فرصة ايضا قوية لنتلمس فيها حقيقة أطروحات بعض من نصب نفسه قائدا وموجها للجماهير, الجماهير الان وفي ميزان وحسابات الوطن ورفعته وازدهاره سيكشف اللثام عن هؤلاء فلم تعد بعد اليوم الأغلبية المؤثرة القادرة الراغبة بالتطور صامتة ولا ساكنة.
في هذا التشكيل الحكومي الجديد بالذات سأكسر القاعدة التي اتبعتها منذ فترة وهي ان اصفق للذاهب وأكشر عن أنيابي للقادم, هذه المرة سأتغير وسأصفق للقادم وأعلن الدعم والتأيد, ولان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم, فعلينا ايضا ان نتغير من اجل المصلحة العامة, وليس التغير بمعنى الارتماء بالأحضان ورمي الأسلحة مجازيا وإعلان راية الاستسلام, وإنما التغير بمعنى المرونة والتعاون, سأصفق لدولة البخيت القادمة, وسابقي الأنياب جاهزة ان لزم الامر ان نكشر عنها, لا مانع ان نبتسم في وجه التغير الجديد و وإعلان الدعم ومد اليد, لان الافتراض المنطقي يقول أننا كلنا في مركبة واحدة ان غرقت نغرق جميعا دون استثناء, والقنبلة حين تسقط لا تفرق ولا تميز بين الرؤوس.
راعني ولفت فكري بعض الشعارات وبعض الدعايات التي تقول ان دولة معروف البخيت سيركز في هذه الحكومة على الوزراء من أبناء الحراثين والمزارعين والمتقاعدين...الخ, والمقصود تغير نمط اختيار الوزراء من ناحية الشكل ومن ناحية النشأة, قد لا يكون هنالك وزراء حليقوا الرؤوس او وزير وحيدا لأبيه, قد لا يكون هنالك وزير لون عيونه اخضر وليس له شوارب, قد يأتي وزيرا بشنب ولونه اسمر وقاطب الحاجبين, ان كان هذا التغير الذي نريده ونسعى إليه فاعتقد ان تواجدنا في بلد مثل الصومال او جيبوتي سيكون الأفضل لنا والأسهل لفكرنا, ولعل مثل هذه التصريحات عن أشكال الوزراء الجدد هي الضرب على الأوتار الحساسة للشعب وللشارع المفكر بأغلبيته, ولعل توزيع الوزراء على المناطق الجغرافية والواجهات العشائرية, واختيارهم بلون وشكل موحد هو نتيجة طبيعية للهجمة التي تعرضت لها فترة الرفاعي وتشكيلته الأوروبية الفارهة.
الموضوع ليس بالشكل ولا باللباس ولا بطبيعة تسريحة الشعر او عدم وجوده او لون البشرة, الموضوع والقضية هي النوعية والجودة والكفاءة وليس بالعدد وعلو الصوت, لا يهمني ان كان الوزير ابن حراث او ابن عالم ذرة او حتى ابن وحيد لأب مليونير ولد وفي فمه ملعقة من ذهب, يهمني ان يكون الوزير راغبا وصاحب إرادة حقيقية وقادرا على النجاح, يهمني ان يكون الوزير كفؤا متميزا في عمله مهما كان شكله ولونه ومنشأه, وزيرا مستقلا بعيدا عن تأثيرات مراكز الضغط الخاصة مسلكا وتوجها, نريد حكومة بأعضائها تعمل وتنجز وشعارها ان لا مستحيل مع الحياة بأمر الله سبحانه وتعالى وتوفيقه.
وصلنا الى مرحلة ممتازة ورائعة من القدرة على التعبير وإيصال الرأي الشعبي لأعلا المستويات, وأتمنى وسأسعى جاهدا ان لا يكون الهدف هو قول لا والمعارضة لأجل المعارضة فقط, علينا ان نحافظ على ما أنجزناه كشعب وما حققناه في مجال حرية التعبير ورفض الصمت, لنبقى متأهبين مستعدين, ولكن لنعمل جميعا من اجل وطن مزدهر متقدم متطور, ولنمد الأيادي ونرص الأكتاف, لا نطالبهم بعصا سحرية ولكننا نطالبه بالنجاح وتغير الأحوال, ان اثبتوا واقنعوا فلهم التصفيق بحرارة, وان فشلوا ولم يقدروا فإما رحيل باحترام وإما صفق بحرارة.
حازم عواد المجالي