خِربت مصر …. تأكل نفسها

 
لا شك ان الحالة العربية تمر في اسوأ حالاتها واصبح المواطن العربي ايّا كان إنتماؤه وعرقه ودينه غير قادر على التتحمُّل والإستيعاب واصبح السياسيون والحكّام في اقصى درجات الوحشيّة والإستنفار هذا بشكل عام .
اما ما يجري في مصر ارض الكنانة الان فهو مختلف عن كل ما جرى حتى الان لعدة اعتبارات فهي تحوي اكثر من 25% من المواطنين في العالم العربي وهي دحرت الحكام الفاسدين وفي مقدِّمتهم مبارك وعائلته وانتخبت قيادة شرعية دامت لمدّة عام ثم انقلبت عليه وخاصّة على الحزب الفائزوللصبغة الاسلامية التي تطغى عليه وثم تطور هذا الانقلاب الى حرب شعبية احد اطرافها الجيش الذي امعن قتلا في المتظاهرين ومعظمهم من التيار الاسلامي والطرف الاخر هم المتظاهرين الاسلاميين والمدافعين عن الشرعية مع الفرق الواضح في الامكانات التسليحية بين الطرفين المتواجهين .
ومن جهة اخرى مواقف الدول العربية والعالمية والمنظمات الاممية المتفاوته والتي معظمها يدين القتل من ناحية انسانية ولكن يظهر ان دولا كثيرة منحت السيسي ضوءا اخضر للامعان في قتل المتظاهرين على اساس انهم ارهابيين .
يبدوا ان اسرائيل وامريكا ودولا اوروبية اخرى لم تستطع صبرا حتى يتم إغلاق الملف السوري الذي طال بسبب الموقف الروسي والصيني المؤيِّد للرئيس الاسد لذلك استعجلت تلك الدول في مشروع الشرق الاوسط الكبير والجديد والذي يبدوا ان لا مكان للاسلاميين فيه في مصر وسورية ولبنان والاردن وفلسطين والعراق وقد اتخذت على ما يبدوا امريكا واسرائيل قرارا بمحاربة الاسلاميين بواسطة مواطنيهم العرب انفسهم او من جيوشهم الوطنية وها هي تلك الدول تحاول تشكيل مجموعة ما تعرف بحركة تمرد في تونس وغزّة لانهاء الحكم الاسلامي فيهما .
وبالعودة للجيش المصري الذي كان بقيادة المشير طنطاوي والذي وقف مع الشعب المصري في ازاحة الرئيس مبارك في ثورة 25 يناير بينما الفريق السيسي الذي عينه الرئيس مرسي وزيرا للدفاع عضّ اليد التي عيّنته وسجن صاحبها فهل هذا يعود لسوء اخلاق دفينة ام اتصال مع الاجنبي منذ فترة ام هو انقلاب مقابل مال وصل لجيوب البعض وكلها في قوالب الاحتمالات وليس سوء النوايا ولكن النتيجة كانت الاف القتلى وما زالوا يُصرعون بالاسلحة الحيّة والمروحيّات والقنّاصة والبلطجيّة ....
الاغلبية في العالم العربي هم مسلمون ولكن اعلبية العرب باالرغم من نزعتهم الاسلامية الداخلية لا تريد ان تحكمهم عقليّة متطرفة مهما كان معتقدها او التزامها او تفكيرها فالغالبية العربية تؤمن بالوسطية والاعتدال وبالديموقراطية التي تحافظ على كرامة العربي ايا كان موطنه او دينه او طيفه السياسي .
وجماعة الاخوان المسلمين التي تأسست قبل ما يزيد عن سبعون عاما والاحزاب المنطلقة منها وبالرغم من الوجود السياسي والتنظيم الحزبي المتقن ما زالت لا تلقى القبول لدى الكثيرين وقد يكون ذلك راجع لبعض الممارسات من بعض قادتها او اعضائها البارزين المنافية للسلوك العام الجيد خاصّة من النواحي الماليّة .
ان ما يحدث في مصر من خراب ودمار لمقدراتها ولارواح الشهداء الذين قضو من اجل ان يدافعوا عن حريّتهم وكرامتهم واستقلال قرارهم مهما كان الثمن غالي لان البديل هو مزيد من التفتيت لبلدهم وثرواتهم ومزيدا من القيود على حرياتهم وكرامتهم بل ومزيدا من الضحايا والحروب الاهلية .
ورغم الميادرات العديدة المطروحة إلاّ انها لم تلاقي قبولا لدى جميع الاطراف وقد تكون المبادرة الامريكيّة التي تتحدّث عنها وسائل الاعلام والتي تقضي بتشكيل مجلس رئاسي من الرئيس مرسي والبرادعي وعضو من القوات المسلّحة واستبعاد السيسي من اي مركز رئيسي وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية قريبا قد يبدوا اكثر الحلول نجاعة ان صدقت النوايا لكي تعود الحياة في مصر الكنانة لطبيعتها رغم الجرح العميق الذي تركته المحنة الكبرى ويعود الشعب لشرعيّة الصناديق مرّة اخرى وندعوا للشهداء يالرحمة وحسن الثواب إذ لولا تضحيتهم بارواحهم لما توحّد المصريّون حول الصناديق ولكانت مصر خِربت بانجرارها لحرب اهليّة شاملة وقى الله منها مصر العروبة واهلها جميعا .