سمو الامير الحسن وابو عوده

 
كثيرون هم الذين يدّعون خوضهم غبار النقع والبطولات والمراجل ونطحهم الرجال لانهم يراهنون على الذاكرة الشعبية والناس والنسيان وغياب الشهود على طريقة مثلنا الشعبي " ما اكذب من شب اتغرب وختيار ماتت اجياله "، والامر لا يعدو الا كونه مقدمة للولوج وابداء لراي مراقب لما جرى خلال الندوة التي اقامها منتدى الفكر العربي في عمان خلال الجلسة التي تراسها سمو الامير الحسن وقتئذ ؟!
كانت بعض المواد الصحفية امس تحدثت واسهبت في الحديث عن بطولات عدنان ابو عوده ، كما وزعمت مادة تحليلية نقلا عن دكاكين " صالونات " عمان الغربية ان سبب الخلاف الذي نشب في الندوة يكمن في انتقاد أبو عودة لنص الفقرة الثانية من المادة التاسعة من معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية التي تتعلق بالوصاية الاردنية على الاماكن الاسلامية والمسيحية في القدس والتي تعاني من مشكلة فراغ سيادي وابتلاع في رفع يد الاردن عنها ، والتي أشرف على صياغتها النهائية خلال المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي الأمير حسن ما جعل الأمير " يعتقد " – حسب التقرير - في دواخل نفسه أن أبو عودة أحد اسباب " تنحية " الملك حسين لشقيقه من ولاية العهد ؟!
اعتقد ان من باب الخطيئة التي لا تغتفر ان ننسب لابو عوده كل هذه البطولة في موضوع نقد صياغة المادة التاسعة التي كانت حسب التقرير الصحفي من عبقريات عدنان ابو عوده الخالدة في غياب من كل اساطين الفكر من القانونيين وخبراء القانون الدولي من الاردنيين والفلسطينيين الذين كانت تجمعهم مظلة واحدة وواولئك الاسماء الرائعة الذين كانوا شاركوا كجزء من وفدنا المفاوض ولهم من ذوي العيار الثقيل جدا دوليا وليس اردنيا !؟
ولا اريد ان اقحم سمو الامير الحسن في معترك مقالتي حتى لا يعتقد كاهن انني اتزلف لسمو الامير وهو من يرفض الكهنة والمتزلفين معا ويربا دائما بنفسه عن هذا المقام ويرفضه ، ولكنني ارى في ادعاءات ابو عوده وغيره – ان صح النقل – وان صحت الادعاءات فان فيه اساءة بالغة للاردن وليس الملك حسين فقط ، كما وان فيه اساءة بالغة للاسماء القانونية الرائعة من امثال القاضي عون الخصاونة ومروان دودين ومنذر حدادين والدكتور غسان الجندي وغيرهم كثر ممن شاركوا في التفاوض والصياغة ...
واذا كانت الفقرة الثانية من المادة التاسعة المزعومة باسلوب نصها والتي نسبت للامير الحسن قد دلفت من الشباك في ثانية اثناء زاعوق شتاء على ابو عوده ،ولم يكن مستشار الملك وقتئذ عدنان ابوعوده يعرف عنها الا في لحظة التوقيع فالمصيبة اشد ، حيث يتسنى لاطفال المدارس ليتساءلون باستخفاف عن سبب غياب او نيام ابو عوده وغيره عن صياغة نص الفقرة عبر اشهر التفاوض الطويلة على نصوص وادي عربه واتفاق المباديء وغيرها الا في لحظة التوقيع ، اذ ادعت المصادر أنه عشية توقيع اتفاق المبادئ بين الأردن واسرائيل، طلب الأمير زيد بن شاكر رئيس الديوان اللمكي يومها من أبو عودة أن يلقي نظرة على النص النهائي لاتفاق المبادئ قبل أن يتم التوقيع عليه صباح اليوم التالي.
وهنا اضع نقطة نظام كون حقيقة واقعة ان ابو عوده اقرب المقربين الى الملك حسين - رحمه الله – وكان يصابح الملك ويماسيه في كل لحظة وحين كظله ، وكيف يقع الوفد كله في هذا الخطا ولا يكتشفه سوى عبقري واحد رغم حقيقة واقعة اخرى ان وفدنا المفاوض كان مفتوحا وصفحة مقروءة لكل الوفود وكان يعمل بالمفاوضات بالعلن وبكل حرية ويتحمل المسؤولية الكاملة عن بلده ووطنه بوازعه وحسّه الوطني ودون العودة الى المرجع في كثير من الاحيان بعكس الوفود الاخرى جميعها التي كانت توشوش وتهمس وتعود الى مرجعياتها في كل الاحيان ودائمة الاستئذان ولو في زيارتها للحمام في كولودور المفاوضات ؟
تطرق الملفق في المقال هرفا بلا عرف كاعمى محتطب ليل مدعيا ناسبا لابو عوده السبب في تنحية سمو الامير وهي فرية لا اكبر منها ، كما انه امرلا يمكن ان يدّعيه ابو عوده بل لا يملك الا ان يرفضه قلبا وقالبا ولن يدّعيه يوما لا نصّا ولا حرفا ، لان انتقال الحكم في الاردن كان له اسقاطاته وواقعه وجدلياته واخذ فصلا كبيرا من البحث في فترة مرض الملك والضغوطات التي مورست على الملك في مرضه واذكر بمؤتمر توجان فيصل مع الصحافة غير الاردنية حول شجرة الدر لتظهر الجدل حول الحكم ، ولا يخفى موقف الامريكيينوقد كانوا يتخذون موقفا واضحا من سمو الامير لمواقفه المختلفة المعلنة من عملية السلام ، وقد قالها صراحة في معرض اجابته على سؤال لي تجاوز الخط الاحمرفي ندوة كان يقدم سموه الدكتور عدنان بدران " لا احمل حسن سلوك امريكي " ، وهي العبارة مربط الفرس وصلب القضية في موضوع الملك والحكم في الاردن .
وهنا اتوقف عند الاشكالية لامرر معلومة كانت معروفة عن بعض الوشاة والمغرضين الذين كانوا يكرهون صراحة وقوة ووضوح ومباشرة الامير حسن وميله للمواجهة وليس اللدغ من الخلف ؟!
لم تكن ملحوظة ابو عودة في ندوة منتدى الفكر العربي سوى كلمة ملغومة فيها ادعاء وتعريض واساءة للملك حسين فهم قصدها سمو الامير حسن ومدى السم الزعاف وبلاغة الاساءة في مكنوناتها لمعرفته بعدنان ابو عوده الامر الذي فجر الدملة ، كما ان من المعروف ان هناك شخصيات معدودة على رؤوس الاصابع كانت شديدة اللدغ من الخلف في مواقف سمو الامير !