زمن الموت العربي الإسلامي...؟


- لا شك أن البشرية بكليتها تُعاني الصرع وينتابها الجنون ، تنتحر، وينتحر أفرادها على مدار اللحظة ، وكذلك ، أحزابها جماعاتها ، دولها وأمصارها بطريقة أو بأخرى ، بسبب الإستعصاء ، التمترس والحروب الطاحنة ، هكذا تهرق الدماء في غير مكان فى العالم ، وإن بنسب متفاوتة، فيما الأداة واحدة وقوامها أيدي البشر أنفسهم ، فيما يندر الموت بفعل الطبيعة ، التي باتت هي الأخرى تعاني من تغول البشر عليها . لكن المشهد العام الآن يؤشر بجدارة ، على أن الموت يرتع في الربيع العربي الإسلامي ، في هذا الزمن دون غيره من الفصول التي تتعاقب على بقية البشر، ومن المؤكد أن تقرأ الأجيال ولو بعد حقب وقرون ، ما سيكتبه المؤرخون عن زمن الموت العربي الإسلامي هذا ، وأجزم أن المؤرخين سيصفون هذا الزمن الذي نعيشه الآن ، بأنه زمن الجاهلية الأشد سوءاً من جاهلية ما قبل الإسلام ، حيث إستبدل العرب والمتأسلمون منهم ، العصبية الجاهلية بمناحيها القبلية والعشائرية، بعصبية الأحزاب والجماعات والأيدلوجيات ، فيما يبقى الهدف واحد ووحيد ، إن في الجاهلية الأولى أو في الجاهلية التي نعيشها الآن ، فالدماء التي تسيل في العالم العربي والإسلامي ، هي من أجل الزعامة ، السيطرة ، الإستحواذ وكرسي الحكم إن كان في كهف ، خيمة أو في قصر مُذهب.
- هناك قاعدة ، حيثما وجد المتعصبون على أية خلفية دينية ، مذهبية ، طائفية ، قومية ، عرقية أو أيدلوجية سيرافقهم العنف ، الإغتيال ، القتل والقاني الأحمر هو الذي سيسطر تاريخ العُصابيين ، صراعات داخلية ، حروب إقليمية وتدخلات دولية ، ونيران تشتعل يُغذيها الصهيوأمريكي بطرق جهنمية ما دام الموت عربي إسلامي .
- والسؤال ، هل حقا ما يعتقده البعض أن هناك تناقضا في الموقف الأمريكي ، تجاه أحداث مصر ، سورية ، العراق وفلسطين...؟ أو بين مكين ومعه زميله الجمهوري غراهام ، وبين الديموقراطي وليم بيرنز ومن قبله جون كيري...؟ ، أم أن الطرفين متفقان على هذه التغريدات ، بهدف خلط الأوراق وتحمية الإشتباك بين طرفي المعادلة المصرية ، بحيث لم يعد الشعب المصري بقضه وقضيضه ومعه الجيش الوطني المصري ، قادرا على إستيعاب الموقف الأمريكي ، كما أن الإخوان المتأسلمين غير قادرين كذلك على تبيان الحقيقة الأمريكية بمنطوق وليم بيرنز...؟ ، وهنا ، هل يُعقل أن نتجاهل تركيبة الدولة الأمريكية ، فيعتقد بعضنا أنه يُمكن لمسؤول أمريكي أن يقفز على المؤسسات الأمريكية ، كما يفعل المسؤولون العرب ، وكما فعل الشيخ مرسي مع النائب العام عبد المجيد ، وجهاز القضاء والصحافة في بداية حكمه...!
- منذ اليوم الأول لعزل محمد مرسي عن كرسي الحكم ، بسبب فشله وفشل المُلقنين ومخرجو المسرحية الإخوانية ، قلنا أن غودو المصري لن يعود مهما تمترس الإخوان في رابعة العدوية وغيرها ، كما قلنا غير مرة أن مصر ومنذ زمن الفراعنة دولة مدنية ، وفي جميع عهودها المتعاقبة ، وأن المصري المسلم بالفطرة لا يحرم نفسه من المزاج ، رجلا كان أم إمرأة وتربى على ثقافة ""هذه حاجتي وهذه حاجة ربنا"" وهو ما لا يتفق مع أخونة الدولة المصرية ، التي كانت السبب الأساس في ثورة 30 حزيران ، التي لم يستوعب مرسي والمرشد العام للجماعة ، أنها كانت جدية وأنها ثورة شعب لم يعد يقبل الدكتاتورية ، لا بطريقة مبارك ولا بإسم الدين ، خاصة بعد أن أثبتت ممارسات جماعات الإخوان المُتأسلمين ، في مصر وغير مكان، أنهم غير معنيين بما هم من غير محازبيهم ومناصريهم ، وأن همهم الوحيد الأوحد أخونة جميع الشعوب العربية ، التربع على سدة الحكم ، حتى لو بقيادة جون مكين وبوش الإبن والنتن ياهو ، وحبيب القلب الإمام شمعون بيريز ، صديق الشيخ مرسي الحميم.
- الكلمة الأخيرة.
--------------------------
- مهما ستنفلت عليّ من أعشاش دبابير الجاهلية الحالية ، فإني لا أرى غير طريق واحد وحيد لنهضة الأمة ، تبدأ بفصل الدين عن الدولة والسياسة ، وأن تقتنع الشعوب العربية والإسلامية على حد سواء ، أن الدين لله ، أي دين سماوي أو وضعي ، وأنه علاقة خاصة بين الإنسان وربه ، فهنا المسلم ، المسيحي ، اليهودي والصابئي وهناك المجوسي ، البوذي ، الهندوسي ، السيخ ، الملحد ، عبدة الفرج ومئات وربما آلاف الأديان والمعتقدات ، وما يتفرع عنها من طوائف ومذاهب لا تُعد ولا تُحصى ، فهل يُعقل بعد هذا وقد أصبح البشر يعيشون في منزل كوني ، أن تكون جماعة الإخوان المُتأسلمين هي الحق والحقيقة ، وبقية البشر كفار وملاعين...؟ وفي الوقت الذي جميع البشر هم من خلق الله وفي ذمته عاجلا أم آجلا...!
- وقد وصلت الأمور في مصر إلى هذا الحد ، فض إعتصامات الإخوان في رابعة والنهضة ، تفعيل قانون الطوارئ لشهر ، بسبب التمترس الإخواني ومواقفهم العدمية ، الناجمة عن ظن آثم أن هذه الجماعة هي الحق والحقيقة ، وأن كل ماغيرها باطل كما يرددون ، فقد بات من واجب عقلاء الدولة المصرية ، أن يبعثوا للإخوان الرسالة الأخيرة ، أن خارطة الطريق التي تلتزم بها الدولة المصرية ، مفتوحة على على مصراعيها لكل المصريين ، الذين يؤمنون بمدنية الدولة ، الحرية ، الديموقراطية ، حقوق الإنسان وأن الدين لله والوطن للجميع