حديث الناس


في الأعياد وكما في كل مناسبة يجتمع فيها الناس ، يتشعّب الحديث ، بعد عبارات المجاملة المطلوبة والمتناسبة مع المناسبة ، يدور حديث بين الحضور إما بشكل جماعي أو بين كلّ تجمّع من عدد محدود على حدة ، يتناولون فيه مختلف القضايا وفي كل شيء تقريبا . فأجواء الحريّة جعلت الحديث في مختلف القضايا متاحا وشائعاً .
والشعب الأردني يمتاز بأنه شعب مثقّف وواعي وقادر على التحليل والاستنتاج والحكم على الأشياء والمواقف . ومن الصّفات الجيدة أيضاً القبول بمبدأ الخلاف في الرأي والاستماع للرأي الآخر مع تفاوت في السير بهذا الطريق إلى منتهاه . وهذا لا يقتصر على نخبة أو طبقة ، فالكل يُشارك ويُدلي بدلوه ويُسمع له .
وقد تنوعت القضايا والأمور التي يهتمّ بها المواطن وتكون مدار حديث المجالس . ومن أهمها الحالة الاقتصادية التي انعكست على المواطن مباشرة كارتفاع الأسعار واحتمال وجود وجبة أُخرى لمواد وخدمات يُنوى رفع أسعارها . هذا الارتفاع سيؤثر بالتّأكيد على مختلف الشرائح سيّما أن الشعب الأردني في مجمله من أصحاب الدخل المحدود ، ولم يتم الالتزام بمعادلة غلاء المعيشة والتي تجعلهم لا يتأثرون برفع الأسعار أو لا تتآكل دخولهم .
ومنها التوجيهي ومشاكله والقبول الجامعي والاستثناء الذي أصبح أكثر من الأصل . فأصبح الحصول على مقعد في الطب والصيدلة من المعجزات . والتعليم الموازي والخاص رسومه مرتفعة بحيث لا يتمكن أغلب الطلاب من التسجيل فيه رغم ارتفاع معدلاتهم .
الانتخابات البلدية لم تأخذ حيزا كبيرا إلا من قبل المرشحين وأنصارهم . ولكن الأهم من ذلك كان الحديث عن مجلس النواب وأداءه . وقد تفاوتت الآراء إلا أن آراء كثيرة مع حل مجلس النواب وإجراء انتخابات جديدة وفق قانون انتخابي جديد .
أما الفساد والفاسدين فله نصيب الأسد ، حيث يُعزى تدهور الوضع الاقتصادي وتردي مستوى معيشة المواطن إلى الفساد والذي أصبح مؤسسة . ورغم أن الحديث يدور عن أسماء بعينها ، إلا أنني لست مع أسلوب اغتيال الشخصيات دون دليل , فالقضاء هو من يُدين أو يبرئ . وطبعا فان الفساد ليس ماليا فقط فكل فساد مالي يكون بأصله فسادا إداريا . فالإداري الفاسد هو الذي يُسهّل ويوجد بيئة الفساد . وأيضا يُشار إلى عدم الجدّية في محاربة الفساد .
ويهتم الناس بالأحداث في سوريا ، وهنا أيضا يوجد تباين ولو أن أغلب الآراء تصب في مصلحة الثورة السورية مبينين لو أن القيادة السورية كانت جادة في الإصلاح من البدايات لما وصل الحال إلى مرحلة اللاعودة . وأيضا يهتم الناس بأوضاع مصر وأشار كثيرون أنهم يُتابعون ما يحدث في ميدان رابعة العدوية ويبدون إعجابهم بصبر الناس وثباتهم وتضحيتهم . كما ويُظهر البعض إعجابهم بأداء الأخوان المسلمين خلال الأزمة ومقدرتهم على الحشد والتنظيم مقارنين ذلك بإخوان الأردن والفرق الواسع بينهما .
روح الخوف من المستقبل والتّرقب لما يمكن أن تحمله الأيام والمنطقة ظاهرة بوضوح وكذلك سيطرة الوضع الاقتصادي والسياسي . وعادة ما ينتهي الحديث بالقول ربنا يستر وبفنجان من القهوة ونظرة تخترق الواقع إلى مستقبل نرجو أن يكون أفضل .