اللعب في مصر والهدف فلسطين


- وقد إستحال الصراع في مصر بين الشعب المصري بقضه وقضيضه وبين جماعة المتأسلمين في مصر ، بكل أذرعهم الإخوانية ، الجهادية ، السلفية ، القاعدية ، الحمساوية والإرهابية فإن من يتابع الملطمة الأمريكية والأوروبية ، وما تعكسه من صراخ وعويل ، دخالات وتدخلات ، مبعوثين ومبعوثات من أمريكا ، أوروبا ، دول عربية ، إفريقية وشرق أوسطية ، فإن الأمر لا يخلو من خُبث وتآمر يهودي يجري التخطيط له ، بتركيز واضح على أهمية وضرورة حضور الإخوان في المشهد المصري ، وفي غير مشهد في الوطن العربي، ويجدر هنا أن يتوقف العقلاء ""إن وجدوا...!"" مليا عند ما يجري في واشنطن بين تسيبي ليفني وصائب عريقات ، وتفحُص الدور البالغ الأهمية الذي من أجله تم تشكيل جماعة الإخوان المتأسلمين ، منذ أزيد من مئة عام ، والعودة إلى بداية ذلك التشكيل ، الذي جاء من خلال ما عُرف بالمؤتمر الإسلامي الأول 1903 ، الذي عُقد في لندن بهمة ورعاية اللورد هايدلي وبدعم من رئيس وزراء بريطانيا اليهودي ليبرمان ، وكان معظم أعضاء المؤتمر، إن لم يكن الحميع من المنتمين للحركة الماسونية العالمية ، وذاك المؤتمر هو الأساس الذي بُنيت عليه جماعة الإخوان المتأسلمين في 1928 ، وكان ذلك عشية بدء الحركة الصهيونية العالمية معركة الإستيلاء الممنهج على الأرض الفلسطينية ، إذ عمدت الصهيونية آنذاك إلى عمليات قتل اليهود ، إغتيالهم وتخويفهم من العرب والمسلمين ، وذلك من أجل تحشيدهم في العصابات الصهيونية ، مستخدمة نظرية العصا والجزرة ، حيث لم تتوان العصابات الصهيونية ، الهاجانا وتشيرن وغيرها عن قتل اليهود وتحميل تلك الجرائم على أكتاف العرب.
-كانت بداية الهجمة الصهيونية الفعلية في سنة 1929، وما عُرف آنذاك بمذبحة اليهود في مدينة خليل الرحمن الفلسطينية ، التي بدأت بأيد يهودية ، وكنتاج للتحريض وتعميق الكراهية بين العرب واليهود ، الذين كانوا وتحديدا في خليل الرحمن ، جيران ، يتعاونون ويتزاورون ، يشاركون بعضهم الأفراح والأتراح ، يتشاركون في التجارة ، والنساء العربيات واليهوديات كن يتبادلن إرضاع أطفال بعضهن ، لكنها الصهيونية العالمية ""فايرس الشر"" تمكنت من إشعال الصراع في فلسطين بين العرب واليهود ، بدعم من بريطانية التي أطلقت العنان للصهيوني ، كي يُرهب عرب فلسطين ، يستولي على الأرض بشتى الطرق ويُقيم المستعمرات اليهودية ""المستوطنات"" والمعسكرات .
- حين نتوقف عند الدعم الأمريكي والأوروبي لعملية التفاوض ، الجارية الآن بين الفلسطينيين والإسرائيليين في واشنطن، والذي يُراد منها إتمام عملية تثبيت إسرائيل وشرعنة وجودها ، عبر تسييل حل مسخ لقضية فلسطين ، يخلو من حق العودة ، يُبقي على المستوطنات ، يضمن أمن إسرائيل ويعزل غزة عن الضفة الغربية ، وكل المؤشرات أن كيري يقوم بمحاولة جادة لإنهاء الصراع العربي الصهيوني، بعد أن أصبح الشرق الأوسط برمته يفتح على المجهول ، وقد أصبحت أمريكا في سباق مع الوقت ، الذي يحتاج لغطاء إسلامي لضمان شرعية وجود إسرائيل ، بعد أن حصلت إسرائيل على الشرعية ، فلسطينيا ""أوسلو"" وعربيا ""مبادرة السلام العربية"" ومن ثم بالضروري إسلاميا ، وليس مُهمّا كيف تُسمى إسلامويا ، هدنة مع اليهود بلا حدود...! ، وصلح الحديبية كاف للتشريع ، ويا دار ما عبرك شر ، والسلام فرغ الدعاء...!
- ما كان المتأسلمون في مصر ، ليشربوا حليب السباع ، يتحدوا الشعب والجيش المصري لو لم تُكبل أمريكا وأروروبا الجيش المصري والقوى الوطنية العلمانية ، اليسارية ، القومية وذات النهج المدني ، وكذلك لولم تكن أمريكا وأوروبا تُعاني من حالة الإنقسام على الذات تجاه ما يجري في مصر ، فهُما ""أمريكا وأوروبا"" تسعيان لإرضاء طرفي المعادلة ، وإضعاف الطرفين في وقت واحد ومن ثم السيطرة عليهما ، وتسخيرهما لما هو أهم ، وبوضوح لحساب المفاوض اليهودي في واشنطن ، وفي الوقت المناسب ستعمل أمريكا وأوروبا ، إلى عقد شراكة بين طرفي الصراع في مصر ، والإبقاء على رمزية دور الجماعة في صنع القرار العربي ، ولو لمرحلة لا تتعدى إنجاز التفاهمات الأساسية لشكل ومضمون الحل الفلسطيني الإسرائيلي ، وما تصريحات جون كيري الأخيرة ، التي تبدو في ظاهرها إنحيازا للشعب المصري ، وفي باطنها ما خفي وهو أعظم ، فإن أمريكا لا تجازف بموقف عدائي لجماعة الإخوان المسلمين ، وإنما هو التلاعب في مجريات الأحداث في مصر ، كما أنه ردة فعل وفركة أذن للجماعة التي لم تستمع للوسطاء والمبعوثين الأمريكان ، ورُغم ذلك كيري رايح وبيرنز جاي ، ليس حرصا على مصر وشعبها ، ولا المتسألمين ، القوميين ، اليساريين ، العلمانيين أو الوطنيين ، إنما من أجل عيون الإسرائيليين...!
- من يُدقق في الموقف الغربي ، ""أمريكا وأوروبا وحلفائهما والتابعين"" ، لا بد أن أن يخطر في باله أهزوجة الثعلب الناسك ، حين ظهر في ثوب الواعظين ، ليصل إلى قول الشاعر ،،،مُخطئ من يظن يوما أن يكون للثعلب دينا،،،!!! ، لكنها أمريكا وريثة بريطانيا ، والتاريخ قد يُعيد نفسه أحيانا وإن بطرق حديثة ، ولأجل ذات الغاية ، والهدف شرعنة بقاء إسرائيل وضمان أمنها وسلامتها ، وإن دققتم في الأمر ، ستجدون أن اللعب في مصر ظاهريا ، فيما الهدف هو فلسطين فعليا ، فهل تعقلون...؟