الحفاظ على الوطن العربي و الدفاع عن فلسطين


إن لعبة الأمم تتكسّر دائماً على أعتاب الثورات التحررية، ولو قرأ الجميع تاريخ الثورات ولو اختلفت دينياً وعقائدياً لوجدوا إن إرادة الشعوب أقوى من الترسانات العسكرية، وأقوى من الإستعمار مهما علا، وإن من يرسم خارطات الأمم الحرّة هم الشعوب وحدهم دون مِنَةٍ من أحد.
إنّني أبكي دماً على حال هذه الأمة الضائعة والممزّقة، التي لم تعد تعرف من أي جهة تسلك طريق الحق إلا قلّةٌ قليلة، فما أصابنا ما هو إلا منّا وعلينا لقد تكاتفنا على التخا ذ ل والهوان، وركضنا وراء حكام الفسق والفجور الذين اختبؤوا وراء الدين، فهم لم يكونوا شيئاً لولا تصفيقنا لهم دون أن نعي حقيقةً ما يخفون، وأي مسعى وهدفٍ ينشدون ومن أي جهاتٍ عُليا هم مُكلّفون، ولقد ألهتنا مصالحنا المادية الضيقة و تعامينا عن فهم حقيقة ما يدور وراء الكواليس، وأبصرنا فقط ما يجري أمام أعيُنِنا لأننا لا نريد إتعاب عقولنا، فللأسف هنالك من يُفكّر عنّا ويلهمُنا بوعيه وفطنته وحكمته الكاذبة، ونحن نتبعه ونمشي معه قُدُماً دون التفكير إذا كان يتقدم في مشيه أم يوهمنا بذلك...
لقد وضعنا أنفسنا بمتاهة دون الوعي بأنها متاهة محبوكة لنا على جميع الصُّعد الدينية والأخلاقية والسياسية والإجتماعية والإقتصادية، وهذا ما ينذر بفوضى وحروب داخلية وعالمية آتية دون نذير، وذلك نتيجة إخفاقنا في حل أزماتنا وقضايانا، معتقدين أننا نستطيع الحكمة ونحن في قلب الحدث رغم أن الحدث يستأهل نظرة ثاقبة وبعيدة ليس بمعنى أن تأتي تلك النظرة الحكيمة من بعيد، بل على العكس فيُشتَرط أن تكون في قلب الحدث ومُسلّطة من قِبَل الأطراف المتصارعة، حيث تستطيع رسم خريطة لحل الأزمة العالقة وتحديد المسار الأوحد والوحيد بقرارٍ حكيم يتوجّه نحو الهدف المنشود بغية الحل، وعندما تستطيع تلك النظرة الثاقبة إختراق قلب الحدث من أرضه وعن مسافة مدركة لما يجري بدقّة، نستطيع أن نعثر على الحلول وأن نبصر النور ونحكم أنفسنا بدلاً من أن ندع الحكم للآخرين، أي بمعنى أن نصبح قادرين على اختيار من يمثلنا فعلاً دون أن يفرض نفسه بسبب غبائنا وتعامينا الذي وضعنا أنفسنا فيه..
ومن هنا أصبحت حزينا ، أتأسف على العقول النائمة والغائبة عن وعيها، تلك العقول المحدودة المدى التي تدّعي بأنها تعرف على العلم بأن صاحب العقل النيّر والواسع يقبل كل الآراء ويتقبّل ويناقش بصوابية ويقدم حججه في ذلك لإقناع الآخرين بوجهة نظرِه، ولهذا أنا متحسرا على ما أصابنا لقد نسينا القضية الكبرى "فلسطين" ، واشتغلنا ببعضنا مذهبيّاً وطائفيّاً سني شيعي - مسلم مسيحي ، وإلى ما هنالك من أديانٍ وطوائف ضمن تلك الأديان، فبدلاً من أن نتكاتف ونقف في صف واحد موحد مع إخواننا من كل الطوائف والأديان في وجه الغطرسة الصهيونية الأمريكية التي تراقبنا بسخرية وتصفق لهذا الحاكم وذاك ، أو منتحل إسم الدين الذي دنّس الدين بأفكاره الكافرة ، فمن أعطاه حق التكفير؟! ومن هي الجهة التي وراءه ؟! وكيف ظهر فجأة واختفى فجأة ؟! تلك الأسئلة ليست بحاجة إلى إجابة إلا لمن هم بحاجة إلى الإفهام...
فصوتي هذا لا ينطلق من إتجاه معين، بل من رؤيتي الخاصة وقراءتي للمشهد أمامي، فدعكم أيها الناس من الخلافات الطائفية والمذهبية، ولنتوحّد جميعاً صفّاً واحداً في وجه العدو الأكبر " إلعدو الصهيوني" ،،، اصحوا يا عالم إن الصهيونية فَرِحة تشاهد بصمتٍ ما يدور بيننا وتصفّق، لأنها وجدت من يحمل عبئاً عنها....

أنا أتألم حقّاً، وأنا كمسلم أعتبر أخي في المشروع الموحد ضد إزالة المشروع الصهيوني من الوجود ، فليعي الجميع أنها سبب مصائبنا وخلافاتنا وخاصة الأخيرة السنية الشيعية، ولهذا يجب أن نتوحد في سبيل الحفاظ على الوطن العربي أولا ومن ثم الدفاع عن فلسطين، ولنترك الحسابات الدينية والمذهبية والطائفية لله، فهو أخيراً سيحاسب الجميع على دينهم وليس نحن.

الكاتب جمال ايوب