هل سيشعر


ربما نجحت "دولة الرئيس" في استرجاع اقتصاد البلاد من غرف الإنعاش إلى غرف الانتظار والاستقرار، لكن كم أسرة أردنية، أو طبقة اجتماعية كادحة، وفقيرة، دفعت ضريبة وصفاتك السحرية، واجتهاداتك العلمية، وذكاءك المنقطع النظير، وسلسلة خبراتك الميدانية التي لم تخدم ببراعتها الفقير؟ لم تكن يوماً هكذا عندما كنت وزيراً، ولا عندما كنت نائباً ومديراً، كنت تشعر مع المعلم، والفلاح، والكادح، والجريح على سرير الشفاه الذي كان ينتظر الشفقة من أصحاب الضمير الإنساني. أحسسناك فقيراً مثلنا، همكّ همّنا، وهاجسك في الذّود عن الطبقات الاجتماعية الضعيفة هاجسنا، كهاجس الغيورين على تراب الوطن ومواطنيه .

ظنّ الشعب أن " وصفي" آت قد عاد مجدداً وأن الحلم قد يكون حقيقة، لعلّ تنكسر إرادة الفاسدين، وتقطع أيادي الفاسقين، والسارقين، وتسلب الحصانات من المتنفذين، ليبقى الوطن نظيفاً من هؤلاء الطامعين بأموال المواطنين، تمنيناك أن تكون" وصفياً " الذي مازالت ذكراه لوحة وطنية منسوجة في قلوب اليتامى والمحرومين، لأنه أراد أن يكون الوطن للجميع، وليس منتجعاً سياحياً لكل طامح، ومتجبّر على قوت أغلبية الشعب الطيب الأصيل.

كم طالباً على مقاعد الدرس تضرر من قراراتك الاقتصادية؟ وكم شاباً علّق مراسيم زواجه من غلاء الأسعار وجور التجار؟ وكم مركبة عزفت عن مغادرة مكانها؟ لأن خزّانها فارغ من الوقود، وكم أسرة لغاية هذه اللحظة لم تتناول شطائر اللحمة؟ لأن النقود لا تكفي لسدّ حاجات البيوت، وكم مخترعاً، ومبدعاً غادر الحدود؟ لأن الأوسمة، والدروع، وكتب الشكر هي الأخرى دخلت أبواب المزاجية، والمحسوبين على الطبقات البرجوازية.

وبالمقابل كم فاسد يقبع فيً مهاجع السجون؟ وكم قرية نائية، أو لواء منكوب نال من خير الدولة الوفير؟ وكم شركة وطنية استردت؟ وكم موظفاً نشيطاً نال من عدالتكم الاجتماعية؟ وكم قلماً عزف عن الكتابة؟ خوفاً من قوانينكم الإعلامية، وقنواتكم الرسمية، وكم عاطل عن العمل نال من الوظائف الحكومية، أو مشاريعكم الاقتصادية؟ وكم سفيراً التحق بالسلك الدبلوماسي من بوادينا وأريافنا؟ وكم فقيراً غادر خط الفقر إلى خط الرضى والاستقرار المادي؟.

كل ذلك "دولة الرئيس الأفخم" المشهود لك بالنزاهة، والاستقامة لا يستحق الندم، ألا يستحق وقفة تأملية مع النفس، ما لذي ناله الشعب من سياساتكم الاقتصادية غير إنقاذ الميزانية من الهلاك؟. نعم لم ينل الشعب من وصفاتكم الاقتصادية إلا التقهقر المعيشي، والخوف من أيام عجاف قد لا يستطيع معها صبراً، فينظم لقافلة المنتحرين هرباً من الانفجار النفسي، والاحتراق المعنوي.