الشيوعيون أصحاب مبادرة


شاركت أحزاب يسارية وقومية ، وشخصيات نقابية ، إتحاد الشيوعيين الأردنيين ، الأحتفال التضامني بثورة 23 يوليو الناصرية ، وصاغوا معاً ، في ظل حماية أمنية يقظة وناعمة ، مشهداً وطنياً أردنياً مؤثراً ، بحضور الرجال والنساء ، والشباب والكهول ، وحتى عائلات مع أطفالهم ، أمام السفارة المصرية لأكثر من سبب :
أولاً : أعادوا إستذكار فهمهم وإنحيازهم للطابع الوطني القومي التقدمي لثورة يوليو ، وإحتفاء بها وتقديراً لدورها ، في وقت يتم إختزال تضحيات العرب ومعاركهم بوجهة نظر " إخوانية " ، تعيد قراءة التاريخ وتزويره برؤية أحادية ضيقة تقوم على شيطنة عبد الناصر ونظامه ، مستغلين ما تعرض له الإخوان المسلمين من إضطهاد ، بسبب محاولتهم إغتيال عبد الناصر وإتهامهم له بخطف الثورة ، أسوة بما فعلوه بإغتيال رئيسي الوزراء النقراشي وأحمد ماهر والقاضي الخازندار ، مع أن الشيوعيين أنفسهم تعرضوا أيضاً للإضطهاد وتم أعدام بعضهم ، مصطفى خميس ومحمد البقري وشهدي الشافعي ، ومع ذلك تحملوا وإنحازوا لخياراته الوطنية القومية ضد الأستعمار وإسرائيل والأقطاع ، وأثروا عدم تعميق الفجوة بينهم وبين النظام الناصري ، لأولوية إستمرار المعركة ضد العدو القومي والتدخلات الأجنبية .

ثانياً : إنحياز اليساريين والقوميين إلى ثورة 30 يونيو إستكمالاً لثورة 25 يناير .

ثالثاً : رفضهم لسياسات الإخوان المسلمين المعادية لثورة يونيو التي كملت مسيرة 25 يناير ، ومحاولاتهم العمل على إفشال النقلة الثانية في مسار الثورة المصرية وعرقلتها ، والوقوف ضد تقدمها .

دعوة الشيوعيين ، وبمشاركة قطاع واسع من القوميين واليساريين ، في مظاهر التأييد لثورة 30 حزيران المصرية ، عمق الأزمة بين الإخوان المسلمين من طرف وباقي القوى الوطنية والقومية واليسارية من طرف أخر ، بعد أن إجتمع الطرفان على مواجهة العدو الإسرائيلي وضد أشكال التطبيع ، إضافة إلى معارضة السياسات الرسمية ، والمشاركة في تطوير الحياة السياسية والأقتصادية الأردنية عبر المطالبة بالإصلاحات ، وخوض الإنتخابات وتحقيق الأهداف المشتركة بالوسائل المدنية والديمقراطية والسلمية وعلى قاعدة التدرج والمرحلية ، ولكن عوامل داخلية أوقعت التباين بين المعسكرين أولها إستعجال الإخوان المسلمين في نيل المكاسب ، وثانيها محاولاتهم فتح الحوار مع مؤسسات الدولة وإستفرادهم بهذا الحوار من خلف ظهر قوى المعارضة القومية واليسارية ، وثالثها الأستقواء بالمستجدات الأقليمة والدولية على حساب العوامل الوطنية والمحلية .

ولم يقتصر التباين والأجتهاد على القضايا الوطنية فقط ، بل إمتد الخلاف وتعمق بعد الأحتلال الأميركي للعراق ، وبعد الأنقلاب الحمساوي الأخواني في قطاع غزة ، والتدخل الأجنبي في ليبيا ، والأعتماد على الأميركيين لإسقاط وتغيير النظام في سوريا ، وها هي تتفجر أقوى بسبب ما يجري في مصر ، فالأولويات مختلفة والتحالفات متناقضة .

حصيلة هذا كله مبادرة الشيوعيين ومن معهم ، الأحتفال التضامني أمام السفارة المصرية ، يوم ثورة عبد الناصر ، وإحتفاء بثورة 30 يونيو ودعماً لها .