رسائل الملك واضحة وصريحة
رسائل الملك واضحة وصريحة
وجه جلالة الملك أكثر من رسالة واضحة المعالم وصريحة المضمون في الأيام القليلة الماضية لعل أخرها كانت زيارته الأخيرة إلى قرية الثغرة المنسية في منطقة المريغة والتي ما تزال تعيش في عصور ما قبل التاريخ وتبحث عن ماء وطرق وكهرباء.
رسائل تحمل في طياتها مدلولات وإشارات موجهة بوضوح إلى الحكومة المحتضرة ومجلس النواب في المقام الأول يليهم باقي المسؤولين كل في موقعه.
رسائل جلالته طالبتهم بكل ما تعنيه الكلمة من معنى بالخروج من مكاتبهم والتحرر من قيودهم والتوجه للشعب والاتصال المباشر معه دون حاجب أو حاجز والنزول من أبراجهم المحصنة وزيارة الأردنيين في قراهم وأريافهم وبواديهم ومخيماتهم والاطلاع على معاناتهم عن كثب والاقتراب من همومهم وتلّمس حاجاتهم والشعور معهم.
رسائل ملكية وجهت للنواب وطلبت منه القيام بواجباته والنهوض بمسؤولياته والالتزام بأدواره وفتح أبوابه وكشف أوراق الفساد واطلاع الشعب عليها وعدم الاستهتار بقضايا الشعب والانصياع لأوامر الحكومة أو أي جهة ترهبه وترعبه وتطالبه بالتبعية المطلقة وتحاول تفريغه من مضمونة ومحتواه.
رسائل ملكية واضحة ومحددة يجب على النواب أن يصدحوا لها ويقدموها على أي مصالح أخرى أو أجندات شخصية يملكها بعضهم وليس الشعب، وأشرت للنواب بالمقام الأول لأنهم هم من يقع على عاتقهم البدء بالتغيير وإطلاق قطار الإصلاح ولأنهم هم من يتوقع بقائهم لأربع سنوات قادمة في حال أن نجحوا في العودة لطريقهم التي انحرفوا عنها وغيروا الصورة القاتمة التي رسمها عنهم الشعب وقائد الوطن، أما بالنسبة لهذه الحكومة فاعتقد بأن الوقت قد تأخر وقطار الإصلاح قد فاتها فهي في واد وقائد البلد والشعب ومصالحه في واد أخر، فقد أخذوا فرص كثيرة ولكنهم ولضحالة فكرهم السياسي وانعدام خبرتهم القيادية وبرجوازيتهم المصطنعة أضاعوها دون أن يدركوا ذلك.
رسائل الملك يجب أن تطبق وتحظى بالاحترام من الجميع وبالأخص من قبل النواب ومن قبل أي حكومة قادمة والتي سيقع على عاتقها بالإضافة لاحترام قرارات الملك احترام إرادة الشعب والاستجابة لمطالبه المشروعة من إطلاق الحريات بكل أشكالها وألوانها ومكافحة الفساد وتقديم أبطاله للعدالة وإعادة الأموال المنهوبة وإقرار قانون انتخابي يحترم إرادة الشعب ولا يزورها وهذه بعض المطالب التي يجب تنفيذها لتنفيس حالة الاحتقان الشعبي الكبير والذي لا يمكن لأحد أن يحزر متى تنفجر براكينه وتقذف بحممها لتحرق كل شيء كما حصل في تونس ومصر لا قدر الله و لن يخسر حينها الا هذا الشعب و ستقف الحكومة كسابقاتها متفرجة .
هذه الحكومة يجب عليها أن ترحل في خطوة إستباقية منها، تلبي فيها جزأً يسيراً من مطالب الشعب، ويجب أن يستند تشكيل أي حكومة قادمة على أسس جديدة تطبق فيها العدالة الاجتماعية واختيار الكفاءات الوطنية والخبرات الغنية بعيداً كل البعد عن التنفيعات والمجاملات وتعين أناس لا يصلحوا لإدارة بقالة فقط لأنهم أقرباء أو أنسباء ويجب عدم التدخل في التعيين من أي من الجهات التي دأبت على حجز قطعة من الكعكة لصالح أناس لا يستحقون أن يصبحوا في هذه المواقع، نأمل ونرتجي ونتوقع ذلك وغير ذلك فالأمور ستستمر في نفقها المظلم سائرة.
أخيراً أتوجه بالشكر الجزيل لمنارة الحرية وقبلة الإعلام قناة الجزيرة رغم تحفظنا على بعض برامجها المستفزة التي لم تعد مجرد قناة فضائية تقدم مادة إخبارية، بل انتقلت لتصبح لاعب رئيس وشريك أساسي في ما يحدث من أحداث في تونس ومصر، وساهمت بشكل كبير في ما حصل للآن، فبعدما غطت بحرفية ومهنية عالية أحداث تونس وحركت من خلالها كل الشعوب المحرومة، انتقلت لتصبح قناة الاتصال بين المصرين بعد أن تقطعت بهم السبل بعدما قطعت الحكومة عنهم وسائل الاتصال كافة، ولا يمكن لأي إنسان في رأسه عقل وغير مبرمج إلا أن ينحني احتراماً لهذه القناة التي سبقت الجميع ونقلت لنا ما يجري في مصر لحظة بلحظة وقبلها كشفت لنا فساد السلطة، ولا يجب أن نلومها على فضحها ونشرها للغسيل القذر بل يجب أن نلوم أصحاب الغسيل القذر أنفسهم.