هذيان؛ لم يبقى في الأردن شيء نحبه...؟!

 لماذا نحب الأردن، ولماذا نضحي من أجله، كيف أحب وطناً كان حتى وقت قريب البلد الآمن، الذي إذا وقعت في إحدى مدنه أو قراه مشكلة نتفاجأ بوقوعها وبنتائجها. بالأمس القريب فتح مجموعة من الشباب النار من مختلف أنواع الأسلحة، حتى اعتقدنا ونحن نشاهد الصور والفيديو أن الاردن يعيش أحداث أيلول مرة أخرى، والمفاجئة أن إطلاق النار كان خلال أحد الأعراس في أحد جبال عمان. وفي مشاجرة على نمط الأفلام المصرية؛ قتل أربعة شباب وجرح 16 آخرين خلال عملية تصفية حسابات بين متناحرين بالأسلحة البيضاء، والنارية. وهجوم مسلح آخر ف العاصمة يؤدي الى مصرع وجرح العديد من أصحاب السوابق. ولن ننسى ما يجري من عنف في جامعاتنا الخاصة والعامة على حد سواء.

أين نعيش يا حكومة. وماذا يجري في الأردن.. عفواً الحكومة تتفنن في رفع الأسعار، وتبحث عن ارتفاعات على السلع، على المياه، على الكهرباء، على كل شيء يتحرك في الشارع. تماماً كما فعلت امريكا في العراق عندما كانت تقتل كل من يتحرك في الحارات والشوارع والأزقة.

كيف أحب وطناً لا أملك فيه مستقبلي ومستقبل أولادي وأحفادي، وكيف أعشق وطناً باعوا فيه كل ثروات الوطن ليسددوا فاتورة نادي باريس؟، وفاتورة البنك الدولي، وفاتورة البيزا الإيطالية، والكافيار الإيراني، والشمبانيا الفرنسية التي دخلت رئاسة الوزراء من أوسع الابواب.. (إحتفال أقيم في الرئاسة على زمن أحد رؤساء الوزراء الصعاليك، قدمت فيه؛ الشمبانيا، والمأكولات البحرية، والويسكي الإسكتلندي، والمقبلات الفرنسية التي وصلت على إحدى طائرات الملكية الاردنية. وكله على حساب المواطن؛ دافع الضرائب)؟!

كيف أحب وطناً أصبح من أملاك الغير، ويشاركنا فيه العرب والعجم، وأبناء السبيل. فالميناء للإمارات، والفوسفات للكردي، والبوتاس للكنديين، والحاويات للألمان، والكهرباء، والمياه، والميناء الجوي. لم يبقى شيء لم يباع لغاية الآن. لقد خصخصوا وباعوا كل مقدرات الدولة حتى بات الوطن بلا مؤسسات، وأصبحت الوظيفة مجرد بطالة مقنعة..

لماذا أحب وطناً لا أستطيع أن أؤمن فيه مقعداً لأحد أولادي ليدرس على حساب الدولة، فالمكارم بكافة أنواعها وأشكالها؛ لغير الأردنيين، والدراسات العليا لأبناء الذوات، وأبناء السبيل و (المرتزقة على حساب لقمة المواطن)، والجامعات والمدارس تسن سكاكينها لذبح المواطن بحجة دفع الأقساط الجامعية، وكيف لا أغضب وابن الأمس يأخذ مني لقمة الخبز، وشربة الماء، وربما الوظيفة بعد قليل من الوقت لأنه عربي يحق له ما لا يحق لي في وطني..

كيف أحب وطناً يعتبر المواطن فيه خزنة متنقلة لدعم الحكومات، ودعم الموازنة، ودعم النواب للحصول على الرواتب والمياومات والسفريات. وكيف أحب وطناً لا يمكنني أن أجد فيه موقف سيارة واحد دون أن أدفع ثمنه، ودون أن تقاسمني شركات الإتصالات على البطاقة ذات الدينار الواحد، أو ذات الثلاثة دنانير، كيف بالله عليكم أحب بلداً تحكم فيه النساء؟ ومن كانت واسطته امرأة، صار وزيراً، ومديراً، ورئيساً، وأصبح فوق مستوى الشبهات، ولا يلاحقه القانون، ولا يطبق عليه أي نظام، وراتبه يتجاوز رواتب عشرات العمال والموظفين خلال السنة الواحدة.

أنا أستغرب؛ لماذا لا تلتزم دول الخليج بالجانب الأخلاقي والعروبي وتستضيف الإخوة السوريين وغيرهم، ولماذا لا تقوم الدول الخليجية بتفعيل التضامن العربي، وتستقبل اللاجئين من كل الجنسيات في الخليج، وتساعد الأردن ليس فقط بالمال بل باستقبال السوريين وأي لاجئين في المستقبل.. لماذا الأردن دائماً؛ الحلقة الأضعف بين الدول، والوطن الوحيد الذي يحتوي ما يفيض عن حاجة الدول حتى طمعت بنا إسرائيل واعتبرت وطننا هو دولة فلسطين في شرق النهر؟!

لقد أكد البنك الدولي على ان أسعار الغذاء العالمية انخفضت. وتراوح الإنخفاض بين 2% الى 11% على القمح، والزيت، والذرة، وبعض المواد الغذائية. أما في الأردن فبفضل الحكومات والسرقات والنهب المنظم؛ ترتفع الأسعار بخلاف ما يجري على المستوى الدولي، وكأننا نعيش خارج نظام الكون.. على ماذا نحب الأردن ولم يبقى فيه مؤسسة واحدة من أملاك الشعب. ولماذا نضحي ولا يوجد فيه ما يجب أن يراق الدم من أجله. بحق؛ اصبح الأردن فندق خمس نجوم لا يمكن لأي مواطن أن يسكن فيه إلا إذا كان من أصحاب الملايين، أو من زمرة اللصوص، أو من باعة الوطن المتجولين الذين حملوا مؤسسات البلد على أكتافهم مثل باعة السجاد.

بقلم: تحسين التل