مؤسسة المتقاعدين العسكريين باتت مشروعا خاسرا


عندما يتعرض احد افراد الاسرة لنزيف او مرض عادة ما يقوم رب الاسرة باتخاذ جميع الاجراءات اللازمة لايقاف ذلك النزيف ومعالجة ذلك المرض وهذا الاهتمام يعد من اركان سنن الحياة وهنالك من ارباب الاسر من يشذون عن هذه القاعدة نظرا لخلل فيهم قد يكون فكريا او اجتماعيا او غيره من الاسباب التي لا تمكنهم من القيام بواجباتهم
ان فكرة مؤسسة المتقاعدين العسكريين تعد في حد ذاتها فكرة وطنية ومفيدة لانها وعندما اسست كان ذلك التاسيس يهدف الى تحقيق اهداف نبيلة للمتقاعدين العسكريين بحيث تساهم هذه المؤسسة في تحسين وتطوير مستواهم الاقتصادي والاجتماعي والذي سينعكس بالضرورة ايجابا على تسهيل انخراط اولئك المتقاعدين في بناء وتعزيز اركان الدولة الاردنية بعد ان كانوا قد قدموا خدمات وطنية عظيمة ومشرفة تمثلت في المحافظة على هوية هذا الوطن وشعبه ولكن شيئا من ذلك لم يحدث فعوضا عن ان تكون هذه المؤسسة مشروعا ناجحا باتت مشروعا خاسرا يثقل على الدولة ويزيد هموم المتقاعدين من خلال عدم العدالة وايقاع الظلم على فئة كبيرة منهم وهدر لاموالهم ومستحقاتهم وعدم الاهتمام الكافي واللائق بهم ولمن لا يعرف فان ولي امر هذه المؤسسة هو رئيس الوزراء ويشترك معه في المسؤولية اصحاب العطوفة قادة الاجهزة العسكرية والامنية ولكن الشيء المؤسف والمحزن ان هذه المؤسسة كانت قد اصيبت بنزيف حاد منذ ولادتها وما زال هذا النزيف مستمرا حتى ان هذا المولود لم يعد قادرا على النمو بفعل ذلك النزيف ولكن رب الاسرة ومن معه من اصحاب القرار لم يحركوا ساكنا حيال ما يجري في مؤسسة المتقاعدين العسكريين على مدار تلك السنين وحتى هذا التاريخ ولم يقدموا علاجا شافيا لذلك النزيف ولتلك الحالات المرضية المتراكمة وكأن الموضوع لا يعنيهم وانني لا استطيع ان اجد سببا مقنعا يقف عائقا امام تقدم وازدهار هذه المؤسسة وايقاف النزيف الحاصل بها سوى سوء الخيار في انتقاء من يجلسون على اكتاف هذه المؤسسة ولا اريد ان اتحدث نظريا عن امكانية نجاح هذه المؤسسة بل ارغب في القاء الضوء للمسؤولين على احد النماذج الناجحة للمتقاعدين العسكريين الاتراك وذلك من خلال اطلاعي على ذلك النموذج اثناء عملي مساعدا للملحق العسكري الاردني في تركيا فقد بات المتقاعدون العسكريون في تركيا جيشا متقدما بخبراتهم التراكمية وبدلا من ان يتم تهميشهم جرى تفعيلهم واستثمارهم والاستفادة منهم في جميع مجالات وشؤون الحياة المختلفة فغدت لديهم البنوك ومصانع السيارات وصناعة التكنولوجيا والصناعات الزراعية والثقيلة وكافة الاعمال الاخرى وجميعها تدار من قبل تلك السواعد العسكرية وهذا انعكس ايجابا على ذلك الجيش المتقاعد ماليا واجتماعيا وغدا هذا الجيش رافدا ومعززا اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا للدولة التركية فلم يعد بمقدور ذلك الجيش ان ينشغل في الاعتصامات والاضرابات وتشكيل لجان للمتقاعدين العسكريين على غرار ما يجري لدينا في الاردن
ان مؤسسة المتقاعدين العسكريين تتحمل المسؤولية الكاملة امام جلالة الملك وامام المتقاعدين العسكريين عن تدهور اوضاع المتقاعدين العسكريين وسوء احوالهم ويجب على رب الاسرة ان يتفهم هذا الكلام جيدا وان يبدأ بايقاف النزيف في هذه المؤسسة ومعالجة المرض العضال الذي وصلت اليه ولا اريد هنا ان ادخل في التفاصيل ولكنني ارغب في معالجة هم كبير ولغز محير لجميع المتقاعدين العسكريين يتمثل في معالجة الاسباب المانعة من تحويل مؤسسة المتقاعدين العسكريين الى قصة نجاح تعنى بالارتقاء والنهوض بتلك الشريحة الوطنية
اننا كمتقاعدون نتمنى على رب الاسرة ان يقوم بالواجبات المسندة اليه ويشرف ويطلع على ما تعاني منه هذه المؤسسات ويشخص المرض ويصف العلاج ويشرع بمداواة ذلك المرض وبذلك يصبح لدينا نموذجا ايجابيا لمؤسسة متقاعدين عسكريين تعنى بذلك الجيش وتعمل على تحصينه من العواصف والتي قد تؤثر على اتجاهاته في ظل غياب اهتمام الجهات الرسمية والتي يقع عليها واجب النهوض و العناية بذلك الجيش الاحتياطي الرديف حتى يتمكن من الصمود ومقاومة تلك العواصف والتي بدأت تقتحم معظم الميادين الوطنية الاصيلة سائلا العلي القدير ان يلهم رئيس الحكومة ومن معه الاهتمام بهذا الجيش الرديف للجيش لما فيه خير الاردن وخير الشعب بعيدا عن الوعود والحلول الغير ناجعة انه نعم المولى ونعم النصير
العميد المتقاعد
بسام روبين