الوجع الفلسطيني...بين الإحتلال والفساد


ليس هو الاشدُّ إيلاما لكثرة الشهداء والجرحى واللاجئين والدمار وليس للاحتلال الجاثم فوق الارض العربيّة الفلسطينيّة ولا لغير ذلك من اسباب تتعلّق بالشعب الفلسطيني وإنّما لاختلاط الاديان وتفرّد كل دين برغبته للتملّك خاصّة في القدس الشريف وعندما تسلّل المفاوضون الى أوسلوا طرحت خمس قضايا للحل النهائي كل منها يحتاج لعقود من الزمن لحلّها مع مثل ذلك العدو الارعن ذو النوايا الخبيثة فهو حرامي صلف كيف لا وهم مع رب العزّة كانوا كذلك .
فلسطين ارض مباركة في كل الاديان السماويّة كما بورك فيها التين والزيتون وطور سنين وهذا البلد الامين ولكن منذ ما يزيد عن مائة عام طمع فيها اليهود لإقامة دولتهم الموعودة عليها وهكذا كان التقسيم وكانت وما زالت اوجاع الفلسطينيّين في قسوة اكبر وتكبر .
وقادة اليهود شديدوا التطرُّف ومماطلون وخبيثوا التخطيط وخائنون للعهود وقد تسبّبواالكثير من الوجع والاسى للفلسطينيّون منذ نهاية القرن التاسع عشر حيث بدأ تفكبرهم يتّجه نحو الارض الفلسطينيّة كوطن قومي لهم حيث يزعمون ونبشوا التاريخ وحوّروه لتحقيق حلمهم بل وضخّموا المحرقة النازيّة ليستدرّوا عطف العالم ودخلوا عالم الفلاحين الفلسطينيين بثلاثة عوامل مؤثّرة هي الرذيلة والمال والإرهاب فأخذوا يتكاثرون كالنمل على الارض الفلسطينيّة بمساعدة المستعمر الانكليزي والغباء العربي والجهل الفلسطيني فكان اول انسلاخ للارض قبل خمسة وستون عاما وكان الانسلاخ الثاني قبل ستة واربعون عاما وهكذا مرت السنون واليهود يزدادوا تعنتا وصلافة وظلما والفلسطينيون كباقي العرب يزدادون جهلا وخيانة وتنازلا .
فالوجع الفلسطيني متعدّد النواحي فهو وجع سياسي لعدم تمكنهم من تاسيس الدولة الحلم وهو وجع اقتصادي يتمثل في اعتمادها على ما تجود به ايادي الاوروبيّين والامريكان وهو وجع اجتماعي يتمثل في الانحلال الخلقي والتفكك الاسري من جهة وفي تعداد الشهداء والجرحى والايتام والثكالى والمكلومين في المجتمع الفلسطيني وكذلك زيادة عدد الخونة ومن باعوا نفسهم للعدو مقابل الفلوس .
وبعد ان اراح الفلسطينيّون العرب والمسلمون من مهمّة التحرير وتنطّحوا هم لها منذ العام 1964 في المؤتمر الوطني الفلسطيني الاول في القدس وشُكلت الجماعات والمنظّمات المسلّحة والتي في النهاية سيقت طوعا او كرها لطاولة العار التي خلعوا عليها كل اوراق التوت مثل القدس واللاجئين والحدود وغيرها واستبدلتها اسرائيل بيهودية الدولة واقتصاد الشرق الاوسط الكبير وبعد ذلك ياتي تقسيم الاقصى بين اليهود والمسلمين وثم هدم الاقصى وبعده بناء الهيكل المزعوم .
والوجع الفلسطيني تراه في عيني عجوز وهو يستقبل الموت قبل الرجوع لبيته هناك او في شهقة شهيد قبل ان يحقق الحلم الذي استشهد من اجله او في تنهيدة ام فقدت اولادها من اجل ذلك الامل او في تضوّر عائلة لم تجد قوت يومها في مخيمات الشتات .
اما من هُم في الداخل وما زالوا حالمون بدولة مستقلّة وعاصمتها القدس الشرقية بما فيها الأقصى الشريف فسيبقون حالمون إذ انهم غير قادرون على إعادة وحدة الضفّة وغزّة فكيف لهم ان يطردوا اليهود من اراضيهم وهذا الوجع يتحمّل إثمه من اخلى مسؤولية العرب والمسلمون عن التحرير عندما اطلقوا اسم منظمّة التحرير الفلسطينية على الجهة المخوّلة يالتحرير بدلا من منظمة تحرير فلسطين وكذلك يتحمل المسؤوليّة كل من فاوض وتنازل عن اي حق من الحقوق في اي مسار تفاوضي وهؤلاء في الغالب لم يتغيّروا حتى الان لذلك نحن في تراجع على الدوام .......
الجياد والمخلصون يموتون او يُقتلون او يُستشهدون ويبقى الصامتون او اللاهون او الخانعون او المُشترون او الموجوعون إضافة للمفاوضون والمهزومون والخونة القابضون .......
فلسطين بلد الاوجاع والتناقضات ولكن اكثرها نماذج سيئة تعيش حياتها متناسية الارض الفلسطيتية وبركاتها والمقدسات ......
ندعوا الله ان يفك اسر فلسطين ويعيدها لأهلها وان يُصلح حال اهلها في الداخل وان يقفوا مع اهليهم في الخارج والشتات ليقفوا صفّا واحدا في وجه الطغيان الإسرائيلي .ِ
احمد محمود سعيد
24 / 7 /2013