الردة والتردي

هل نعيش اليوم في عصر الردة ؟ وهل نحن مرتدون بكامل وعينا ، وبتخطيط مسبق ؟ مرتدون دينياً واجتماعياً وأخلاقياً وإنسانياً ، إذا كنا غير ذلك فلماذا وصلنا إلى ما وصلنا إليه من حالة التردي المفجع ، هل يحمل كلٌ منا في داخله ضده ؟ كما يقول مظفر النواب ، لماذا اعتمدنا لوناً واحدنا نتدثر به ؟ هل فقدنا الحكماء والعقلاء من أمتنا ذات الحضارة ؟ هل الفكر العربي مستلبٌ أو موؤود ؟ كل الأسئلة موجعة ، وأكثرها وجعاً أننا لا نريد أن نستمع إلى الجواب ، الكل يصم أذنيه عن الجواب . مصر ليست استثناءً كما يرى البعض ، لكنها القشة التي قصمت ظهر العرب والمسلمين معاً ، مصر ليست حالة فريدة فيما تعيشه من فوضى الكلام ، فكل بلاد العُــرب أوجاعي . في مصر اليوم فريقان ، العسكر ومن معهم ، والإخوان ومن والاهم ، والفريقان قابلان للانفجار بعد الحروب الكلامية والتعبئة المدروسة من الفريقين للشعب ، الفريقان خطفوا الشعب المصري ليحاربوا به في معركة ليست من صالحه ، وكل فريق يصل عدده الخمسين مليوناً ، تصوروا معي لو حصلت مجابهة "لا سمح الأمريكان " ماذا سيحدث للوطن العربي ؟ أنا لم أكن يوماً مع الإخوان في إدارتهم للأمور السياسية ، وأنا أشد رفضاً لحكم العسكر ، لكنني مع الشعب المصري الحائر بين الاثنين . هل ما حدث في الوطن العربي وما زال هو ثورة شعوب على الحكام الفجرة ؟ أم ثورة أمريكا على الحضارات التي تمثلها البلدان التي قامت بها الثورات ، هل كانت تخاف أمريكا كل هذا الصمت العربي على الحكام الفاسدين الذي امتد في أقصاه أربعين سنة ، وفي أدناه عشر سنوات فصنعت لهم ربيعاً مزيفاً ؟ لقد توافقت مصلحة الغرب والصهيونية في تدمير الحضارة العربية مع رغبة الشعوب من استئصال أورام الحكام السرطانية ، ولماذا يطلبون منا اليوم أن لا نسيء الظن بأمريكا ؟ وأن لا نرفع شعار مبدأ المؤامرة ، بعد ما حصل في أفغانستان والعراق هل بقي شك في المؤامرة الغربية الصهيونية علينا ؟ لماذا نتقاتل من أجل القتل لا من أجل الحياة ، لقد قال محمود درويش : على هذه الأرض ما يستحق الحياة ونحن ما زلنا نرفع راية تقول : على هذه الأرض من يستحق القتل ، هل خُلقنا للقتل فقط ، هل ما زلنا نتبع سُنة قابيل ؟ لماذا نستدعي قابيل هذه الأيام ونستنجد به ، ولا نفكر بأبي بكر حين قال لجنده وهم ذاهبون إلى أعدائهم : لا تقطعوا شجرة ولا تقتلوا طفلاً ولا امرأة ولا شيخاً ، انبيك يا أيها الصديق أننا لم نقرأ حرف ( لا ) في وصيتك مصر ليست استثناءً فكلنا في المؤامرة ربيع، فلينتظر وطني العربي المؤامرة ، فهناك من قضى ربيعه وهناك من ينتظر