رمضان مع الله أحلى


يُرافق رمضان المبارك عادةً حدوث تغييرات في أمور كثيرة على حياتنا ، لعلّ من أهمّها الأجواء الروحانيّة التي تُظلل هذا الشهر الكريم ، فيعيش المرء متصالحاً مع نفسه . فكلّ ما حوله يدفعه ليكون من الله أقرب .
ومن المفارقات التي تحدث في هذا الشهر الكريم ، أنّ الحكومات المتعاقبة اعتادت وقبيل بدء الشهر الفضيل أن تُصدر بلاغاً يتم فيه تأخير الدّوام وتقليص ساعاته . ولهذا الوقت فاني لم أقتنع بالتبرير لذلك . ففيه اعتراف ضمني بأنّ رمضان هو شهر الكسل والتراخي في العمل ، بل تشجّع عليه . علماً أنّ الأصل أن يكون الإنسان أكثر نشاطا وشفافيّة ورغبة في العمل والخدمة والانجاز . والجامعات والمدارس أكبر مثال على ذلك . فلم يتم تأخير دوامها ومع ذلك فالعمل يسير على ما يُرام . وقد حدث أن ذهبتُ إلى أحد البنوك حوالي الساعة التاسعة والشمس تكاد تكون في كبد السماء فوجدته مغلقا وعندما سألت قيل إنَّ الدوام يبدأ الساعة العاشرة ، فهل يُعقل ذلك ؟ .
وقبل الشهر الفضيل بفترة ، تبشرنا القنوات التلفزيونية بأنها تعدّ دورة برامجيّة خاصّة لرمضان . تحتوي كماُ كبيرا من برامج التّسلية والخفيفة التي تُخفف على الصائم حسب زعمهم . وطبعا فان الدورة لا بد أن تحتوي على عدد كبير من المسلسلات . ولا بد من وجود برنامج دائم موجّه لربّات البيوت لأعداد الوجبات المنوعة وصنوف الحلوى .
والبرامج الدينية تزيد مساحتها . ويُطلّ علينا السادة العلماء للإجابة على أسئلة المواطنين . ولعلّ الغريب هنا أنّ الأسئلة أصبحت محفوظة ومكررة ، كحكم قطرة العين والأذن والإبرة في العضل أو الوريد ، وحكم من أكل أو شرب ناسيا وموعد الإمساك هل هو الأذان الأول أو الثاني .. . فهل المواطن ما زال جاهلاً بأحكام دينه وعباداته المتكررة رغم انتشار الوعي الديني بشكل عام .
ومن البرامج التي أصبحت مقررا على الشعب ومع موعد الإفطار برنامج يسمى " رمضان معنا أحلى " . وبداية أستغرب التّسمية ، فكيف يكون رمضان معهم أحلى ؟ شخصياً لم أُحتمل مشاهدة البرنامج لأكثر من مرة وإذا ما حصل فلظروفٍ قاهرة خارجة عن إرادتي . وبصراحة لم أسمع أحدا يُثني على البرنامج ، ومن يشاهده يقول بـأنّ هناك ( خفة دم ) زائدة حبتين للمقدمين المتناوبين على البرنامج في سنوات مختلفة . وكذلك ( سخافة في الأسئلة ) وعدم تناسبها مع الجوائز الكبيرة . لا أدري إن كانت الإدارة تقوم بعمل تغذية راجعة للبرامج عامة ولهذا البرنامج خاصة .
وفي أجواء الحر الشديد هذه ، فإنني أُعبّر عن تعاطفي الشديد مع أمهاتنا وزوجاتنا وأخواتنا وبناتنا اللواتي يقضين في المطبخ معظم فترة ما بعد الظهر . وتزداد حرارة المطبخ مع استعمال الأفران ومصادر الحرارة ، لأعداد وجبات الطّعام والحلوى المختلفة وحسب ما يطلبه كل فرد من أفراد الأسرة . يقمن بهذا العمل برغبة وطيبة وحب .ومع شكري وامتناني وتقديري فاني أدعو الله لهنّ بأن يجزيهن خير الجزاء . وأبشرهنّ بأنّ أجرهنّ مضاعف ، أجر الصوم وأجر العمل في ظروف صعبة وأجر تفطير الصّائم لقول الرسول عليه الصلاة والسلام " من فطّر صائماً كان له مثل أجره دون أن ينقص من أجورهم شيئاً .
رمضان شهر القرآن ، فمن أراد أن يناجيه ربّه فليقرأ القرآن ... فرمضان مع القرآن ومع الله أحلى . وكل رمضان وأنتم إلى الله أقرب ..