الإضراب المشروع.. والكلام الممنوع!!

الإضراب المشروع.. والكلام الممنوع!!

نادراً ما تصمت الحكومة على الإضرابات التي تشكل خطراً على اقتصادنا الوطني، فتلجأ بكل قوتها لمعالجة الخلل والوصول إلى صيغة توافقية بين المعتصمين يكون أساسها حب الوطن، والصبر قليلاً على مصائب الزمان، وتقلّبات الاقتصاديات العالمية، والهجرات القسرية، وقساوة قلوب الفاسدين، وعناد المتكسبين، والمتطفلين من النيل من ثروات الوطن، ومدّخراته.


وبالمقابل هناك مجلس نيابي مغيّب تماماً عن الأصوات الشعبية، بعدما أغرقته الحكومة بمشاريع، وقوانين إصلاحية مفترضة، وما زال البعض منها مثير للجدل بين أفراد الطبقات الاجتماعية، فانشغل النائب بأطنان الأوراق، وعشرات السفرات، فاكتفوا بإطلالات إعلامية، أو مقالات صحفية، متناسين أن هناك وابل من الضرائب التي يتلقّفها الشعب شهرياً، وسنوياً، حتى بات المواطن على وشك الإفلاس، لا بل الضياع.

أسابيع واقتصادنا الوطني ينزف نتيجة اعتصام موظفو الجمارك للمطالبة بحقوق مشروعة لهم ـ كما يرون ـ، بينما ما زال وزير المالية يلتزم الصمت بدون محاولات جادة في إيقاف الملايين التي تسلب من خزينتنا نتيجة سياسة العناد، وانتظار المعالجة الأمنية التي لم توفّق قبل ذلك في إيقاف أصوات المعتصمين في قصر العدل، فاضطرت الدولة لتلبية احتياجاتهم، بعدما تعطّلت المئات من القضايا، وتضرر العديد من المواطنين في تحصيل حقوقهم في أوقات محددة.


سيعود إلينا دولة الرئيس بعد أسابيع برفقة وزير ماليته للإعلان عن ضرائب قادمة تمسّ الطبقات المسحوقة من الشعب، لتعويض ما هدر من المال نتيجة الإضرابات، لا بل سيحمّل الشعب الفوضى التي تسود بعض مؤسساتنا نتيجة الترهل الإداري، والمحسوبية، والشللية التي صنعت بأيدي مسئولين كانوا يتسيّدون العديد من المناصب الهامة، لا بل امتهنوا سياسة التوريث، والتفريق بين مكونات الشعب، حتى فقد المواطن الثقة بالإصلاح والعبور للدولة الديمقراطية القادمة والتي سيكون لمؤسسات المجتمع المدني، والشباب دوراً في بناء الدولة.

عجباً! لحكومة لم تجد حلاً ناجعاً لغاية الآن في كيفية التعامل مع الأزمات الداخلية، والخارجية، وبخاصة أمام تحولات اقتصادية هامة، فمازال الغاز المصري يؤرق اقتصادنا الوطني، وسياسة التعامل مع الإضرابات قبل حدوثها من خلال الإنصاف، والعدالة بين الموظفين في الميدان والمركز مازالت تراوح مكانها، إذن! ماذا يفعل الوزراء في مكاتبهم؟ وأين خططهم الإستراتيجية في معالجة الخلل والاعوجاج الإداري؟ أم أن عيونهم شاخصةً على التعديل الوزاري القادم من أجل التجديد لمرحلة ترفيهية قادمة، ينال من خلالها المزيد من الامتيازات الحكومية المتاحة في الدولة.

عندما يتكلم الشعب تأبى الحكومات للاستماع، لأن الكلام غير مباح لنا نحن أفراد الطبقات الكادحة، لأنهم تعوّدوا على كلمات السمع، والطاعة، والتصفيق، والنتيجة اقتصاد يتهاوى، وفوضى تسود مجتمعنا.