المشروع الوطني الفلسطيني والمقاومة المسلحة



يعاني المشروع الوطني الفلسطيني حالة من الانسداد وفقدان الاتجاه، انعكست بشكل سلبي وواسع على قدرته على العمل، وعلى قدرته على الاستفادة من الفرص المتاحة، و الإمكانات الهائلة المذخورة في الشعب الفلسطيني ,.
في الوقت الراهن هناك انسداد في مسار التسوية وهناك تعطّل في مسار المقاومة المسلحة الذي تبنته الفصائل الفلسطينية، وهناك تعثّر في مسار المصالحة الفلسطينية . 

بالإضافة إلى وجود حالة إحباط واسعة في الشارع الفلسطيني من أداء القيادات السياسية الفلسطينية، ومن ضعف التفاعل مع التغيرات في العالم العربي، وعدم الاستفادة منها على النحو المطلوب.
يجادل البعض بمرارة ساخرة : وهل لدينا مشروع وطني أصلاً؟! وعلى أي أساس يمكن أن يصبح المشروع الوطني )وطنيًّا( ؟ وهل يمكن أن يكون التنازل عن معظم فلسطين للصهاينة عملاً وطنيًّا أو جزءًا من برنامج وطني؟ وما هي الخطوط الحمراء والثوابت الوطنية التي لا يمكن تجاوزها في المشروع الوطني؟ والتي يُعدُّ اختراقها ضربًا من سلوكً غير وطني ومعاديًّا لمصالح الشعب الفلسطيني؟ وكيف يمكن التفريق بين ما هو "خيانة " وبين ما هو مجرد " وجهة نظر" ؟ إذا كانت الثوابت نفسها محلّ نقاش واجتهاد!
لماذا تتفاوضون ؟ وعن أى سلام تتحدثون، وبأي شيء تشجبون ،هل تحل القضية بالمفاوضات و اللقاءات و الشجب و الندب ولطم الخدود؟ ويتسائل البعض أين جيوِش العرب أين حمية العرب؟ أين غيرة العرب؟ أين عراقة العرب؟ هل كلها رهن الاعتقال ومن اعتقلها؟ إما من مجيب أمة تسحق وشعب يباد؟
الحل بالمقاومة الحق، المقاومة بمعنى الكلمة وليس بشعارات، المقاومة ليست كلمة تقال، أو شعاراً يرفع وليست أغنية نترنم بها أو قصيدة نعجب بنظمها، المقاومة سلاحٌ في الميدان وقتالٌ في الجبال والحواري والوديان، واشتباكٌ مع العدو في كل مكان، وثباتٌ على الموقف أياً كان الحال، وصمودٌ على الحق مهما اشتدت الصعاب، وعظمت التضحيات وضاق على العنق الخناق، وتحشرجت الروح وكأنها الفراق، المقاومة مطاردةٌ في الوطن وثباتٌ على أرضه، وتمسكٌ بترابه وحفاظٌ على مقدساته، وهي اعتقالٌ في سجون العدو، وعذابٌ في زنازينه، وشبحٌ على جدرانه، وسحلٌ على أرضه وقيدٌ ينغرس في المعصم، وعصابة تعمي العيون وتذهب بالبصر، وأكياسٌ منتنةٌ تكاد تقضي على الأنفاس، المقاومة إصابةٌ وشهادة، وقتالٌ ومطاردة، وتضحيةٌ وفداء، وتجردٌ وعطاء، وصدقٌ وإخلاص. 

المقاومة بندقية محمولة على الكتف، وصاروخٌ يطلق من البساتين، وقذيفة تنطلق من أعلى ظهر الجبل، وعبوةٌ ناسفة تزرع في كل مكان، واشتباكٌ يرهب العدو ويجندل جنوده، ويعيدهم قتلى في تابوتٍ أو جرحى مسكونين بالرعب، قتلى صامتين أو جرحى يولولون، وهي صوتٌ بالحق يصدح، وبالموقف يتمسك، لا يفاوض ولا يهادن ولا يساوم ولا يستسلم، ولا يلين ولا يخضع، ولا يغض الطرف ولا يخشع، ولا يصمت ولا يركع، المقاومة شرف لمن يرفع رايتها، ويخلص من أجلها، ويعمل لأهدافها، ولا يسقط رايتها ولا يتخلى عن مبادئها، ولا يسمح لآخرين أن يحددوا أهدافها ويضيقوا نطاقها ، إلى متى تظل قلوبنا صماء و تظل أيدينا مكبلة و تظل الكلمة حبيسة الحناجر؟ أينفع البكاء و نحن نرى مسرحا مفتوحا للعربدة الصهيونية ، التي يشهدها العالم صباحا ومساءا مجازر لا تنقطع، صراخ و عويل و قتل و هدم ومصابون وآخرون مشوهون، ظلت أرواح شهداء فلسطين تلوح في الأفاق لتنادى أمة المسلمين، ورجال العرب أين حمية العرب؟ أين غيرة العرب؟