خيبة أمل الشارع من حكومة الرفاعي
بات واضحا للعيان رفض الشارع الاردني بكل اطيافه لحكومة سمير الرفاعي التي قلبت موازين خططها المالية لسنة 2011 تحت ضغط الاحتجاجات الاسبوعية التي عمت محافظات المملكة بلا استثناء. الشارع ينظر للحكومة الحالية على انها وليدة مخاض اقتصادي واجتماعي عقيم جرى في العقد الماضي ساهم في زيادة الفجوة بين الجهات الرسمية والمواطنين الذين صبروا على فشل السياسات الحكومية الواحدة تلوى الاخرى, بانتظار فرج يريحهم من شد الاحزمة الذي اتبعوه لسنوات من دون جدوى. الحكومة الحالية ورثت كما هائلا من الخراب الاقتصادي, والواقع انها لم تبد نية تجاه تغيير تلك السياسات, بالعكس كان واضحا انها مهتمة بالاستمرار في النهج السابق نفسه من دون فهم لاحتياجات الناس الذين رأوا في النمو المتحقق نموا نخبويا لا يخدم سوى فئة محدودة من المجتمع. كان واضحا من تشكيلة وزارة الرفاعي دخول اشخاص لا يحظون باية ارتباطات في المجتمع, لا بل ان المواطنين ينظرون لبعضهم على انهم "مستشرقون" غير قادرين على الاتصال معهم او اقناع الشارع بسياساتهم حتى ولو كانت صحيحة في بعض الاحيان, لان الثقة مفقودة بين الحكومة والمواطنين. علاقة الحكومة ومجلس النواب كانت القشة التي قصمت ظهر البعير, فثقة الـ 111 صوتا جعلت المواطنين ينظرون للمجلس على انه في جيب الحكومة, واظهرت هذه القضية ضعف الخبرة الرسمية في ادارة شبكة العلاقات بين الحكومة والمجلس, لذلك نجد اليوم نوابا ندموا على تلك الثقة التي افقدتهم المصداقية عند الشارع وبدأوا بحملة نقد ومساءلة للحكومة في خطوة لادراك ما يمكن ادراكه. خيبة أمل الشارع من الحكومة كان سببها ايضا عدم قدرة الحكومة على فهم متطلبات الامن الاجتماعي, فهي لا تملك اية خطط طوارئ او حتى جهاز لقياس القضايا الاقتصادية والاجتماعية ومدى تطور تداعيتها على استقرار المجتمع, فوجدت نفسها امام عشرات الالاف من المتظاهرين والمحتجين ضد سياساتها, فكانت كسابقاتها من الحكومات تسابق الزمن وتنهج سياسة "الفزعة" التي لا تسمن ولا تغني من جوع, فتارة تخفض الاسعار وتارة تزيد الرواتب واخرى تتحدث عن ضبط الاسواق وهكذا من دون ان تلقى اي صدى ايجابي من المجتمع بالتوقف عن الاحتجاجات, وذلك ببساطة لان الثقة باتت معدومة مع الشارع. كان واضحا للعيان ان حكومة الرفاعي تستعد في منتصف هذا العام لاتخاذ قرار مهم وهو ازالة الدعم عن السلع الرئيسية مقابل ايصاله الى مستحقيه كما دائما يقولون, والواقع ان تلك العملية كانت في طريقها للتنفيذ لولا صحوة المجتمع واحتجاجه على سياسات الحكومة الاقتصادية التي جاءت اصلا في موازنة 2011 والتي لم تتضمن زيادات على الرواتب او خلق فرص عمل جديدة, لذلك كانت شعارات التنمية والعدالة في توزيع ثروات الدخل وتصحيح المسار منهجا مفقودا عند حكومة الرفاعي. لم يعد هناك مقومات لوزارة الرفاعي حتى ولو كانت حصلت على ثقة الـ 111 صوتا, فثقة الشارع هي الاهم والاقوى في هذه المرحلة, المطلوب وقفة جريئة من الحكومة وطاقمها بالرضوخ امام مطالب الشارع والرحيل عن الدوار الرابع قبل فوات الاوان, والسعيد من اتعظ بغيره.