الوقاية خير من العلاج في مكافحة الفساد


عقدت هيئة مكافحة الفساد يوم الأثنين الماضي حفل اختتام مشروع التوأمة الأردنية الفنلندية في مواجهة الفساد الذي اطلقته الهيئة بالتعاون مع الجانب الفنلندي عام 2011 وبالتعاون وبدعم من الأتحاد الأوروبي، وبين رئيس الهيئة ان المشروع استهدف دعم تنفيذ استراتيجية هيئة مكافحة الفساد ، من خلال تعزيز قدرات الهيئة المؤسسية وتعزيز الية الوقاية والتوعية بمخاطره، وزيادة الوعي بمبادئ النزاهة في المجتمع الاردني اضافة الى تعزيز اليات انفاذ القانون.
وباستعراض استراتيجية الهيئة للفترة 2013-2017 نجد انها تهدف الى تهيئة البيئة المناسبة للوقاية من الفساد وترسيخ الثقافة المجتمعية المناهضة له ،من خلال ايجاد اطار عمل اداري وقانوني متطور وفاعل للقطاعين العام والخاص ولمؤسسات المجتمع المدني، وزيادة فاعلية وكفاءة الجهات المكلفة بمكافحة الفساد ماليا واداريا من اجل تعزيز الثقة بمؤسسات الدولة.
لا شك ان هناك جهودا كبيرة بذلت ومازالت تبذل من قبل كوادر هيئة مكافحة الفساد لمتابعة كافة الجوانب المتعلقة بقضايا الفساد وقضايا الأعتداء على المال العام وغيرها، الا ان من المؤكد حسب» ما تضمنته الأستراتيجية « ان الهدف الرئيسي للهيئة لا يقتصر على التحقيق في قضايا الفساد وتحويلها للقضاء فقط ، بل يمتد الى التعرف على السبل التي يمكن من خلالها الوقاية من الفساد قبل وقوعه ، وذلك من خلال الوصول الى الخلل الذي ادى الى حدوث التجاوزات ، ودراسة الاجراءات والاليات المقترحة التي يمكن من خلالها معالجة هذا الخلل والتوصية بها للجهات المعنية لتجنب تكرار مثل تلك التجاوزات، ، وقد اشرت في مقالات سابقة ان أية قضايا فساد لا بد انها تمت نتيجة وجود خلل ما ،سواء بالتشريعات ، او عدم الالتزام بتطبيق هذه التشريعات من قبل البعض، او عدم كفاءة اليات العمل المعتمدة، اوعدم وجود انظمة محوسبة سواء مالية اوغيرها ، او عدم كفاءة وخبرة العاملين او المسؤولين في المؤسسات، او عدم مواءمة المؤهلات العلمية التي يحملها بعض المدراء مع مهام ومتطلبات الوظيفة المسندة اليه، او عدم كفاءة الادارات المالية واجهزة الرقابة الداخلية لديها اوغيرها من الأسباب العديدة .
لذلك نرى ان الأستراتيجية ركزت على ما يتعلق بتعزيز الوقاية من الفساد حيث اشارت الى ان ذلك يتطلب جهودا لترسيخ مبادئ النزاهة والحاكمية الرشيدة وتفعيل الرقابة الداخلية ، ووضع تطبيق مدونات السلوك الوظيفي في مؤسسات القطاع العام و الخاص وجمعيات المجتمع المدني.
ومن هذا المنطلق وفي ضوء مهامها الهادفة الى حماية المستثمرين بدأت هيئة الاوراق المالية بدراسة شاملة لكافة التشريعات والاليات المعمول بها والبدء باصدار التشريعات والتعليمات التي تعمل على تعزيز مفهوم الوقاية ، حيث تم اقرار تعليمات تداول موظفي الهيئة للأوراق المالية من قبل رئيس واعضاء مجلس المفوضين والموظفين في الهيئة بهدف تنظيم هذه العملية والافصاح حولها ، كما تم اعداد العديد من مشاريع الانظمة والتعديلات ليصار الى اقرارها بعد التباحث مع الجهات المعنية حولها ،كمشروع تعليمات قواعد حوكمة الشركات الذي يهدف الى تحويل عدد من القواعد الارشادية لتصبح الزامية،ونظام الأفصاح الالكتروني الذي يهدف الى تسهيل وتسريع توفير المعلومات اللازمة والجوهرية للمستثمرين.
وخلاصة القول لابد من الـتأكيد على ان مسؤولية مكافحة الفساد لا تقع على هيئة مكافحة الفساد لوحدها او على الجهات الرقابية فقط ، وانما تقع على عاتق كافة الجهات الرسمية والخاصة ، لذلك لابد من ان تقوم كل جهة من الجهات الرسمية والخاصة سواء الحكومية منها اوغير الحكومية والشركات المساهمة العامة بمراجعة كاملة لكافة الاجراءات والآليات والتشريعات المعمول بها للتحقق من مدى سلامتها في تعزيز الوقاية من الفساد وتعديل هذه الاليات بما يحقق مزيدا من الوقاية،..........لأن الوقاية خير من العلاج .