هـل المناصب العامــه وراثيـّــــــــه ؟

جذورنا تضرب في أعماق هذه الأرض الأردنيه أباً عن جـد ,  تعلمنا من الآباء حب الوطن والإنتماء له ورضعنا حب الهاشـميين مع حليب الأمهات وتربـّينا على الوفاء للقياده منذ عهد الإماره , وتعلمنا في مدرســـة الهاشميين وعلى يدي المغفور له جلالة الملك الحسـين  طيّـب الله ثراه معنى الوفاء ومعاني الإنتماء

     الإيمان بالوطن عند الأردنيين حقيقة ثابته غير قابلة للمناقشــة , ولا يســمح لأي شـخص مهما كان موقعه التشـــكيك بها أو الإنتقاص من أهميتها , وطوال تســــعة عقود من الزمن هي عمر الدوله الأردنيه والأردنيون يتباهون بقادتهم الهاشـــميون ويلتفون حولهم بكل محبة ووفاء , لأنهم أصحاب رســــــالة إســــــلاميه وقومية عربيه , حكموا البلاد بالحــــــــب والتواصل مع الشـــــــــعب , وكل ما نعيشــــــــه ونراه ونلمســــه على أرض الواقع من نهضة وعمران ومؤســــســات هو من صنع هذه القياده التي نتمنى لها دوام التقدم والبقاء , ونؤمن إيماناً مطلقاً بأنّ الماده ( الأولى ) من الدســـــتور الأردني التي تنص على أن النظام الأردني نيابي ملكي وراثي هي التي تنصفنا وتحافظ  على الأمن والأمان الذي يعيشـــه وطننا , وهي ســـبب بقائنا و اســـــتقرارنا رغم كل مـا يدور في هذا الزمن الملتهب من حولنا ؟                                        

 كنت في العاشــرة من عمري عندما تمّ إســقاط أول حكومة أردنيه ســـــنة ( 1957 ) على يدي مجلس النواب ومنذ ذلك اليوم لم نســـمع أو نرى أي انتقاد أو معارضــه فعليه لتصرفـات الحكومــــات عـنـد تجــاوزهـا على الدســــتور أو لأنها غير كفؤه أو غير مؤهلـه للقيام بواجباتها الدســـــتوريه , أو حتى لكـونها فاســـــده أصلاً . كما أصبحنا نلمـس أن بعض هذه الحكــومات أصبحـت بالوراثـه أبـاً عن جـد    تبعهـا بعـد ذلك تولـّي المناصب الســـياســـــــــية لأبناء الوزراء والســـفراء والدبلوماسـيين والنواب وفوق كلّ ذلك  طغت فئة المتقاعدين من الرتب العســـكريه والأجهزه الأمنيه على المشـــــــهد الوزاري والنيابي كذلك  , وزادت الأمور  ســــــوءاً حتى وصــل التوريث إلى صغـار الموظفين العامين , ومن بعدهـم النقابات العماليـه والجمعـيات وغيرها ؟ كـــل ذلك بسـبب تغاضي الحكومـات عن التعاطي مع التوجــه الديمقراطي الذي ينادي به جلالة المــلك  ؟ وتمّ تجاهـل أو تغـــييب نص الماده ( 6 ) من الدســــــتور التي تنص على أنّ الأردنيين ســـــــــــــــواء بالحقوق والواجبات .

             قبل أربعين عاماً عملت في خدمة أحـد كبار الســياســيين الأردنيين , وكان ذلك العمل بمثابة الخطوة الأولى على طريــق الولوج في عالم الســياســه ,  وأثناء هذه الفتره تقدّم لخطبة إبنة ذلك الســياســي  شـــــاب في بداية عمره العملي , وفي الحفل ســمعت أحدهم يقول بأن هذا الزواج سياسي ,, لم أفهم المعنى وما يقصده بقولـه زواج ســــياســي  , بعدهـا دفعنـي الفضول لمعرفـة ما هو الزواج الســياســـي فقيل لي أنّ هذا الشـــاب يسـعى للوصول إلى منصب ســياســـي رفيع من خلال هذا الزواج وهكذا كان !! فقد أصبح هذا الصهر فيما بعـد وخلال ســنوات قليله وزيراً في وزارة هامه عندها أدركت وتمكنت من التعرّف على كثير من هذه الحالات التي وصل بها أبناء الكبار إلى مواقعهم , ووصل كثير من الأصهار والنسـايب وحتى أصدقاء زوجاتتهم وشــقيقاتهم إلى تلك المناصب أيضاً ؟

 هنا يلـّح عليّ وعلى كثير من المواطنين ســــؤال ؟ وخصوصاً في زمن تكثر فيه الإحتجاجات والتظاهرات ضـد الفســــاد والمحســوبيـة , وادّعـاء الحكومـات بالنزاهـة (  والشـفافيـه  ) وإرســاء قواعـد المسـاواة والعدالــه الإجتماعيه بين الناس وحقوق الإنســـان ..  هو ألا يحق لي وللكثير من المواطنين الذين عاشـوا سنوات طويله من عمرهم في خدمة الوطن وفي مجالات لا تقلّ أهميــّة عن تلك المواقع التي شــــــغلها أو ( احتلــّـها ) هؤلاء المحظوظين أن نرى أبناءنا وبناتنا في مواقع يـســـــتحقونها ؟  حيث نعتقد أننا ما زلنا أكثر منهم انتماءً للوطن وولاءً لقيادتنا الهاشـــميـه رغـم تعرّضنـا لكثير من القمع والمضايقـات والإقصـاء والتهميــش على يدي بعض  المتنفذين  وتم ســـــلب جهودنا وجيــّرت للغير من الأقارب والمحاســيب ودافعي الرشــــوة أيضاً  ؟ 

      نحن نعرف أنّ حظنا العاثر حال دون بقائنا في المواقع التي  وصلناها بالإنتخاب لأننا لســـــنا أبناء لوزراء أومحســــوبين على مسـؤولين في دوائر لها نفوذ و لم تتاح لنا فرصة الخدمـه العسـكريـه , كـل ذلك حـال دون وصولنا لأي موقع قيادي هدفنا العمل من خلالـه على رفـع مســتوى المواطنين وتحفيزهـم على القيام بواجبهم الوطني تجاه وطنهم  ومليكهـم . لما تقدم هل لنا أن نســــــــــــأل إلى متى ســـــــيظل الحال على ما هو عليـه ؟ وهل ســــتبقى المناصب حكــــراً على هؤلاء المتنفذين وأبنائهم رغم كلّ الإحتجاجات والتظاهرات التي تجري حولنا ؟ لا نصدق ان الامرسـيكون لصالح الدوله اذا ما اسـتمرهذا الحال  يا ســيدي ؟                                                                          

                    aref_sammour@yahoo.com