سكون ساعة الإفطار يعزف لحن وقع أقدام المصلين و

اخبار البلد
 
يشكل هدوء الشوارع عند ساعة الإفطار صيد ثمين لمن ينشد ‏السكون، لكن في تلك اللحظات الصامتة تعلو أصوات لطالما كانت ‏موجودة ويخيل أنها تسمع لأول مرة مثل وقع أقدام الذاهبين إلى ‏الصلاة جماعة قبل الإفطار و"طقطقة" الأواني.‏
ما أن يهل الشهر حتى يجلب معه معطيات كانت اجتماعية أم دينية، ‏وحتى أن سلوكيات تنقلب متغيرة في شهر يحمل معه خصوصياته ‏وحاجاته، فتنتشر "موائد الرحمن" في كل مكان، وتغلق الحانات ‏ومحلات بيع الكحوليات، طوابير من الناس على شراء القطايف ‏ومواقف الباصات، تزدهر محلات بيع التمر الهندي وعرق السوس ‏والخروب وقمر الدين، وليس أخيرا دعوات ولقاءات عائلية مكثفة.‏
بيد أن لأبو محمد وقع مميز حُفر في ذهنه كونه اعتاد أن يؤدي صلاة ‏المغرب جماعة قبل تناول طعام الإفطار.‏
توقف أبو محمد للحظات يستعيد ما وصفه بـ "اللحن الجماعي" عقب ‏الآذان وهو يتجه للمسجد القريب من منزله يقول:"نعم أسمع تلك ‏الأصوات الصادرة من نوافذ المنازل المفتوحة بسبب حرارة ‏الصيف إنها تشبه سيمفونية جماعية فالكل يضرب ملعقته في وعائه ‏إنه صوت جميل".‏
وفي شوارع المنطقة التي يقطنها أبو محمد ينشغل أصحاب بقالات ‏بإغلاق محالهم عند سماع الآذان استعدادا للصلاة ومن ثم إلى ‏منازلهم لتناول الطعام مع عائلاتهم، بينما يبقى أحدهم ليفطر في ‏بقالته بعد عودته من صلاة المغرب.‏
يقول السبعيني أبو صالح أنه وحيد بعد ان فقد زوجته قبل ثلاثة ‏أعوام، لكن ابنته التي تقطن على بعد منزلين هي التي تزوده بطعام ‏الإفطار.‏
ورغم أن أبو صالح يعيش سكون الشوارع في تلك اللحظات، إلا ‏أنه لا يخفي سعادته بالصحبة التي يحظى بها مع الزبائن قبل ‏الإفطار بدقائق، يقول:"كثيرون ما يتنبهون بأنهم يحتاجون لشيء ‏من الخبز، وحتى أن بعضهم يتسوق قبل الإفطار بقليل".‏
وحال الحي الذي يقطنه أبو صالح يختلف كثيرا عن تلك الأماكن ‏في مناطق عمان الغربية فلا وقع لأقدام ولا "طقطقة"، مركبات في ‏الاتجاهين وحركة الكثيفة على المطاعم والمقاهي التي لا تغلق ‏أبوابها عند الإفطار لتوفر ما يحتاجه أهل تلك المناطق من طعام ‏وشراب.‏
‏ في كل من عمان غربية كانت أم شرقية اختفت عادات كانت ‏راسخة من أكثر من 50 عاما، بحسب أبو صالح التي يتذكر ‏المسحراتي آنذاك ويصفه بالرجل الفاضل الذي يعرفه الجميع ‏ويشكل يد العون التي تمتد لحل قضايا ومشاكل العائلات، حتى ان ‏له دورا بارزا في جلسات العزاء والجاهات،"الآن هنالك عدد قليل ‏من المسحراتية ينشدون بضعة من الدنانير مع نهاية الشهر يعملون ‏بشكل عشوائي ولا يشكلون سوى أداة ازعاج لمن يواصل صلاته ‏في الليل"، يقول أبو صالح.‏
لكن أبو محمد يبدو أكثر تفاؤلا لدى حديثه عن التواصل الإجتماعي ‏ودور رمضان البارز في ذلك، يعتقد أن أهم تركات الماضي في ‏هذا الشهر الكريم تلك المحاولات للم شمل العائلات من أبناء ‏وأحفاد.‏
يقول:"رغم الخلافات ومشاغل الحياة اليومية إلا أن موائد الرحمن ‏تؤلف قلوب الجميع فكثير من الخصومات تجد طريقها إلى الحل في ‏رمضان، ومن اعتاد على زيارة أهله يوما في الشهر فإنه يكررها ‏اكثر من مرة في الأسبوع خلال رمضان".‏
محمد علاونة