الصوم جنة والغضب فيه إساءة أدب مع الله ..


الغضب ، ضيق الصدر والعصبية سلوكيات خاطئة نراها في نهار رمضان في الشارع والعمل وداخل البيوت ورغم أن هذه السلوكيات قد تضيع ثواب الصوم إلا أنها لم تختف حتى الآن بل ربما تكون في زيادة.. فكيف يرى علماء الدين مثل هذه السلوكيات في شهر الصوم؟!
رمضان باب للجنة باب الريان باب فتحه الله تعالى لنا لأن نطعم الطعام ونصلي والناس نيام ونصل الأرحام فكل ما ذكر في حديث الرسول محمد صلى الله عليه وسلم حين قال: (يا أيها الناس: أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصِلُوا الأرحام، وصلّوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام) نستطيع تحقيقه في رمضان والتفرغ له وأن نحتسبه عند الله فعلينا إذا استبدال الغضب بما أوصانا به نبينا الكريم لا تغضب .


( لا تغضب لا تغضب ) ..
بهذه الكلمة الموجزة ، يشير النبي صلى الله عليه وسلم إلى خطر هذا الخلق الذميم ، فالغضب جماع الشر ، ومصدر كل بليّة ، فكم مُزّقت به من صلات ، وقُطعت به من أرحام ، وأُشعلت به نار العداوات ، وارتُكبت بسببه العديد من التصرفات التي يندم عليها صاحبها ساعة لا ينفع الندم .
إنه غليان في القلب ، وهيجان في المشاعر ، يسري في النفس ، فترى صاحبه محمر الوجه ، تقدح عينيه الشرر ، فبعد أن كان هادئا متزنا ، إذا به يتحول إلى كائن آخر يختلف كلية عن تلك الصورة الهادئة ، كالبركان الثائر الذي يقذف حممه على كل أحد .
ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من دعاء : ( اللهم إني أسألك كلمة الحق في الغضب والرضا ) رواه أحمد ، فإن الغضب إذا اعترى العبد ، فإنه قد يمنعه من قول الحق أو قبوله ، وقد شدّد السلف الصالح رضوان الله عليهم في التحذير من هذا الخلق المشين ، فها هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول : " أول الغضب جنون وآخره ندم ، وربما كان العطب في الغضب "، ويقول عروة بن الزبير رضي الله عنهما : " مكتوبٌ في الحِكم: يا داود إياك وشدة الغضب ؛ فإن شدة الغضب مفسدة لفؤاد الحكيم "، وأُثر عن أحد الحكماء أنه قال لابنه : "يا بني ، لا يثبت العقل عند الغضب ، كما لا تثبت روح الحي في التنانير المسجورة ، فأقل الناس غضباً أعقلهم "، وقال آخر : " ما تكلمت في غضبي قط بما أندم عليه إذا رضيت ".
المحتسب في الصيام لا ينفعل ..
فضيلة الدكتور عبد المعطي بيومي عضو مجمع البحوث الإسلامية يرى أن من يصوم صوما حقيقيا لا ينفعل لان جوهر الصيام هو التغلب على النفس ونوازعها واهم نوازع النفس هي الحاجة للطعام والشراب ولا يكون الصيام كاملا بذلك فقط فيجب على الصائم أن يدرب نفسه على ككبح جماح الغضب فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول " ليس الشديد بالصرعة ولكن الشديد من يملك نفسه عن الغضب” وقوله صلى الله عليه وسلم " الصوم جنة فإذا كان أحدكم صائما فلا يرفث ولا يجهل وان امرؤ قاتله او شاتمه فليقل إني صائم إني صائم ” فالصائم الذي يتغلب على نفسه في الطعام والشراب ولا يتغلب على كبح جماح الغضب لا يكون صائما حقا ولا يكون له الثواب كاملا وقد يكون هذا الغضب داخل الأسرة أكثر وهو ما لا ينبغي فالأمر بالمعاشرة بالمعروف قائم طوال السنة وفي رمضان أولى٬ فالزوج هو الصاحب بالجنب الذي أوصى القرآن الكريم به خيرا فإذا كان الصوم يوجب معاملة الغرباء معاملة حسنة فهو أولى نحو الزوج والأسرة.

مرض يصيب الكثير من الصائمين ..
ويوضح الدكتور محمد فؤاد شاكر الأستاذ بجامعة الأزهر: أن هذا الداء الذي يصيب الكثير من الصائمين في هذا الشهر الكريم لا يتوافق مع الغاية من الصيام فما جعل الله الطاعة إلا لتقويم السلوك وتهذيب الأخلاق والسمو فوق نوازع النفس ودوافعها وما فرض الله فرضا على عباده إلا ليتحقق لهم الخير من خلاله فالصوم تدريب عملي على تربية النفس حتى تصبح لينة طيعة لا تجمح إلى الشر ولا تدنو إلا إلى الخير.
والدراسة الروحية للصائم لم تجعل الصائم يمتنع عن الطعام والشراب فقط وإنما قصدت تهذيب كل جوارحه والنبي صلى الله عليه وسلم يقول "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس
لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه”.
إذن فالغاية من الصيام ليست منعا للطعام والشراب فقط ولكن تهذيبا لكل الجوارح والمقصود منه تربية المسلمين٬ أما الذين تتحول سلوكياتهم في رمضان إلى ضجر وضيق ولا يحسنون التعامل مع الناس بحجة أنهم صائمون نقول لهم ليس ذلك من الصيام في شيء ونبينا صلى الله عليه وسلم علمنا انه حتى لو سابك احد لا ترد عليه بل تقول إني صائم إني صائم فما بالنا بمن يكثر غضبه في رمضان؟!