توفيق فاخوري .. كرمل بنك الاردن

اخبار البلد - خالد ابو الخير 
قطب مهم في تاريخ العمل المصرفي الاردني، ورائد من رواد العمل الانساني، طالما عنّ له ان يمسح بيديه على جباه اطفال أقعدهم الفقر، وساعدهم ليبدأوا طريقهم في الحياة . 
يتحدر توفيق فاخوري من قرية جبع، الواقعة على سفح الكرمل جنوب حيفا، واذا ما ذكر الكرمل، يتذكر شمسه الذهب، وعناقيده الذهب.. وارضاً من ذهب، تظل تحمل روائح ما بعد المطر، طرية وناضجة كلحظة راهنة. 
ومن حبه لجبع، تبرع ببيت العائلة قبل سنوات قليلة لتكون للبلدية، علّ يكون بامكان البلدية ان تعيد للقرية التي تسامر ذرى الكرمل، بعضاً من ألقها. 
يشغل توفيق فاخوري منصب رئيس مجلس ادارة بنك الاردن، ذلك البنك الذي بات تحت ادارته صرحا كبيرا ومتميزاً، يشار له بالبنان. ودأبه، وقد بلغ من الخبرة عتياً، ان يدفع ببنكه الى امام. 
ابو شاكر، الاسم الذي يحب ان يكنى به، نسبة الى ابنه الاكبر، يعد من بناة الاردن الحديث، احبه الملك الباني الحسين وكان يستأنس برايه ويعهد فيه الصدق والاخلاص والامانة. 
مقربون منه يرون ان ابا شاكر انسان في الدرجة الاولى، دمث، المعي، وهاديء القسمات والطباع، مع ميل الى عشق الكلمة الجميلة والرشيقة.. اليس في البدء كانت الكلمة. 
رجل اقتصاد ومال من طراز رفيع، حتى اطلق عليه لقب شيخ المصرفيين، لفرط عمله في المهنة والنجاحات التي اصابها، والامال التي ما تزال تثري نفسه.. عذابا. 
بنى نفسه بنفسه، فهو عصامي بامتياز، لم يولد وفي فمه ملعقة من ذهب، وانما في اسرة بسيطة علمته قيماً وصنعت منه رجلاً، فما كان منه الا ان كان بحجم الامانة. 
لكن نجاحاته الكبيرة لم تولد في نفسه الاكبر الغرور والتعالي، وانما التواضع، ولعله يتذكر ان القيصر الروماني اورليانوس عين خادما له، ليهمس في اذنه كلما هتفت له الجماهير، او داهنه أحد: لا تنس.. لست الا مجرد انسان. 
اياديه البيضاء يعرفها القاصي والداني، حتى لو ان بعض الناس قد ينكرون. 
حادثة واحدة قد تجمل ما يعتمل في نفس ابي شاكر من عواطف واخلاق، فمرة رعى نشاط جمعية تعنى بالأطفال الصم ، والتقى الأطفال وذويهم، وقام بتقديم مستلزمات طبية لهم، ما حدا بأحد الأطفال الصم الى اعتلاء المنبر وتقديم كلمة امتنان بحق توفيق فاخوري،الذي كادت عيناه تدمع ، وهو يرى بقلبه الكبير الطفل يقرأ بلغة اشارة الصم ومديرة المركز تترجم الاشارات الى كلمات. 
ابو شاكر يعشق الاشياء على بساطتها، وما زال في ضميره وصفاء روحه بقية من كرمل، ثابت الجنان، تمر به السحب وتقلبات المناخ والاعداء، دون ان تنم عن قامته العالية الراسخة ادنى حركة، وإن كان يترك فيه النسيم الرقيق الف شان وشان.