إخوان مرسي.. سبع أساطير رائجة


ﻋﻠﻰ ﻣﺪى اﻟﺴﻨﻮات اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ اﻟﻤﺎﺿﯿﺔ، ﺗﺨﻠّﻘﺖ ﻓﻲ اﻷذھﺎن اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺻﻮرة اﻧﻄﺒﺎﻋﯿﺔ ﻣﺒﮫﻤﺔ ﺣﻮل ﺟﻤﺎﻋﺔ اﻹﺧﻮان
اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ، ﻛﺎن ﻣﺒﻨﺎھﺎ أﻗﺮب إﻟﻰ اﻷﺳﺎطﯿﺮ ﻣﻨﻪ إﻟﻰ ﻓﺤﻮى اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ، واﻟﺘﻲ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻟﻠﺮأي اﻟﻌﺎم ﺗﺒﯿﺎن
ﻣﺎھﯿﺘﮫﺎ إﻻ ﺑﻌﺪ أن وﺻﻠﺖ ھﺬه اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ إﻟﻰ ﺳﺪة اﻟﺤﻜﻢ، وﺗﻢ اﺧﺘﺒﺎرھﺎ ﻋﻠﻰ أرض اﻟﻮاﻗﻊ.
أوﻟﻰ ھﺬه اﻷﺳﺎطﯿﺮ أن ﺟﻤﺎﻋﺔ اﻹﺧﻮان اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﺣﺮﻛﺔ ﺑﺮاﻏﻤﺎﺗﯿﺔ ﺗﺘﻘﻦ ﻓﻦ اﻟﻤﻤﻜﻦ، أو ﻣﺎ ﺗﺴﻤﯿﻪ "ﻓﻘﻪ
اﻟﻀﺮورة"، وﺗﻌﺮف رﻏﻢ طﺎﺑﻌﮫﺎ اﻟﻌﻘﺎﺋﺪي، ﻟﺰوﻣﯿﺎت اﻟﺘﻜّﯿﻒ ﻣﻊ اﻟﺸﺮوط اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﯿﺔ، وﺗﺒﺮﻳﺮ ذﻟﻚ ﺑﺄﺳﺎﻧﯿﺪ ﺗﺎرﻳﺨﯿﺔ
ﺣﻔﻞ ﺑﮫﺎ اﻟﺘﺮاث اﻹﺳﻼﻣﻲ. إﻻ أن اﻻﺳﺘﻤﺎﺗﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻠﻄﺔ واﻟﺘﻔﺮد ﺑﮫﺎ ﺗﻜﻔﻠﺖ ﺑﺘﺒﺪﻳﺪ ھﺬه اﻟﺨﺮاﻓﺔ.

ﺛﺎﻧﯿﺘﮫﺎ، أن ھﺬه ﺣﺮﻛﺔ ﻣﻌﺘﺪﻟﺔ ﺳﯿﺎﺳﯿﺎً، وذات ﻓﻜﺮ وﺳﻄﻲ ﻳﻨﺎھﺾ اﻟﺘﻄﺮف، ﻳﺠﻤﻊ وﻻ ﻳﻔﺮق، ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻋﺪة
اﻟﺸﺮاﻛﺔ ﻻ اﻟﻤﻐﺎﻟﺒﺔ، واﻟﻤﻮادﻋﺔ ﻻ اﻹﻛﺮاه؛ ﻓﺈذا ﺑﮫﺎ ﺗﻨﺤﻮ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺧﺴﺮت اﻟﺤﻜﻢ إﻟﻰ اﺳﺘﺮﺟﺎع ﻣﺨﺰوﻧﮫﺎ ﻣﻦ
اﻟﻌﻨﻒ، وﺗﺠﻤﻊ ﺣﻮﻟﮫﺎ طﯿﻔﺎ واﺳﻌﺎ ﻣﻦ اﻹرھﺎﺑﯿﯿﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﺑﺪوا وﻛﺄﻧﮫﻢ اﺣﺘﯿﺎطﯿﺎ اﺳﺘﺮاﺗﯿﺠﯿﺎ ﻟﮫﺎ.
ﺛﺎﻟﺜﺘﮫﺎ، أن ﻟﺪﻳﮫﺎ ﻣﺸﺮوﻋﺎً إﺳﻼﻣﯿﺎً ﻓﻲ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎد واﻟﺴﯿﺎﺳﺔ، ﺷﻌﺎره "اﻹﺳﻼم ھﻮ اﻟﺤﻞ"؛ ﻓﺈذا ﺑﮫﺎ
ﺻﺎﺣﺒﺔ ﻣﺸﺮوع ﺳﻠﻄﻮي ﻣﺤﺾ، أﺳﺎﺳﻪ اﻟﺘﻤﻜﯿﻦ ﻟﻠﺠﻤﺎﻋﺔ و"أﺧﻮﻧﺔ" اﻟﺪوﻟﺔ، ﻣﻊ ﻣﯿﻮل اﺳﺘﺒﺪادﻳﺔ ﻓّﺠﺔ، وﻣﺴﺎعٍ
ﻣﺤﻤﻮﻣﺔ إﻟﻰ إﻗﺼﺎء اﻟﺸﺮﻛﺎء ﻓﻲ اﻟﺜﻮرة، وﺗﻜﻔﯿﺮھﻢ إن دﻋﺎ اﻷﻣﺮ.

راﺑﻌﺘﮫﺎ، أﻧﮫﺎ ﺗﻤﺜﻞ اﻻﺗﺠﺎه اﻷﻛﺜﺮ ﺟﺬرﻳﺔ واﻷﺷﺪ ﺻﻼﺑﺔ ﻓﻲ ﻣﻌﺎداة إﺳﺮاﺋﯿﻞ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻻ ﻳﻌﺮف اﻟﻤﺴﺎوﻣﺔ، وھﻮ ﻣﺎ
ﺛﺒﺖ ﻋﻜﺴﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ اﻧﺼﺎﻋﺖ ﻟﻤﻌﺎھﺪات اﻟﺴﻼم اﻟﺘﻲ ﺳﺒﻖ أن ﻗﺎﻟﺖ ﻓﯿﮫﺎ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻘﻠﻪ ﻣﺎﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﺨﻤﺮ، واﻟﺘﺰﻣﺖ
ﻣﻦ ﺛﻢ ﺑﻤﻘﺘﻀﯿﺎت اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻤﻮروﺛﺔ ﻣﻦ ﻋﮫﺪ ﻣﺒﺎرك، ﺑﻞ وﺣﺴﻨﺖ ﻣﻦ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺘﻌﺎون اﻷﻣﻨﻲ ﺑﺼﻮرة أدھﺸﺖ
اﻹﺳﺮاﺋﯿﻠﯿﯿﻦ أﻧﻔﺴﮫﻢ.
ﺧﺎﻣﺴﺘﮫﺎ، أﻧﮫﺎ ﺣﺮﻛﺔ ﺗﻤﻠﻚ رؤﻳﺔ ﺑﺪﻳﻠﺔ، وﻟﺪﻳﮫﺎ ﻛﻮادر ﻣﺆھﻠﺔ وﺧﺒﺮات ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻣﺆﺻّﻠﺔ، وﻣﮫﺎرات ﻓﻲ اﻹدارة
اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﻨﺎﺟﻌﺔ. وھﻮ ﻣﺎ ﺗﺄﻛﺪ أﻧﻪ ﻣﺤﺾ ادﻋﺎء ﻓﺎرغ، ﻟﻢ ﻳﻨﺠﻢ ﻋﻨﻪ ﺳﻮى ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻔﻮﺿﻰ واﻟﻔﻘﺮ واﻟﻔﺸﻞ
ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺻﻌﯿﺪ، ودﻓﻊ ﻣﺼﺮ إﻟﻰ ﺣﺎﻓﺔ اﻟﻜﺎرﺛﺔ.
ﺳﺎدﺳﺘﮫﺎ، أﻧﮫﺎ ﺗﻘﺒﻞ ﺑﻘﻮاﻋﺪ اﻟﻠﻌﺒﺔ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاطﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﺒﻖ أن ﺗﻢ وﺻﻔﮫﺎ ﻛﻤﻨﺘﻮج ﺛﻘﺎﻓﻲ ﻏﺮﺑﻲ ﻻ ﻳﺼﻠﺢ
ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ. ﻏﯿﺮ أﻧﻪ ﻓﻲ اﻟﻤﻤﺎرﺳﺔ، اﺗﻀﺢ أن ھﺬه "اﻟﺒﺪﻋﺔ" ﺗﺸﺒﻪ ﻟﺪﻳﮫﺎ ﻋﻮد اﻟﻜﺒﺮﻳﺖ اﻟﺬي ﻻ
ﻳﺸﺘﻌﻞ إﻻ ﻣﺮة واﺣﺪة، وأﻧﮫﺎ ﻟﻦ ﺗﻜﻮن ﻧﺰﻳﮫﺔ إﻻ إذا ﻓﺎزت ﻓﯿﮫﺎ "اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ".
ﺳﺎﺑﻌﺘﮫﺎ، أﻧﮫﺎ ﻗﻮة ﺳﯿﺎﺳﯿﺔ ﻻ ﺗُﻘﮫﺮ، ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﻣﺎ ﺑﺪت ﻋﻠﯿﻪ ﻣﻦ ﻣﻈﺎھﺮ ﺗﻨﻈﯿﻤﯿﺔ ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺸﺪ
واﻻﺳﺘﻌﺮاض اﻟﺠﻤﺎھﯿﺮي اﻟﺬي ﻻ ﻏﺎﻟﺐ ﻟﻪ. ﻏﯿﺮ أن ھﺬه اﻷﺳﻄﻮرة ﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ ﺗﺒﺪدت ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺧﺮج ﻋﻠﯿﮫﺎ ﻣﻼﻳﯿﻦ
اﻟﻤﺼﺮﻳﯿﻦ، واﺳﺘﻌﺮﺿﺖ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻌﻤﯿﻘﺔ ﻗﺪراﺗﮫﺎ اﻟﮫﺎﺋﻠﺔ.

وأﺣﺴﺐ أن ھﻨﺎك ﻋﺪداً ﻣﻦ اﻷﺳﺎطﯿﺮ اﻷﺧﺮى، ﻣﺜﻞ أن ﺟﻤﺎﻋﺔ اﻹﺧﻮان اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ھﻲ ﻗﺪر "اﻟﺮﺑﯿﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ"
اﻟﻤﻘﺪر، وﻣﺆﺷﺮ ﺑﻮﺻﻠﺘﻪ اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ؛ وأﻧﮫﺎ اﻟﺘﻌﺒﯿﺮ اﻷﺑﻠﻎ ﻋﻦ ﻧﺒﺾ اﻟﺠﻤﺎھﯿﺮ ﻓﻲ اﻟﺮﻳﻒ، وأﻧﮫﺎ ﺟﻤﻊ ﻣﻦ اﻟﺼﺎﻟﺤﯿﻦ
اﻷطﮫﺎر ﻏﯿﺮ اﻟﻤﻠﻮﺛﯿﻦ ﺑﺎﻟﻔﺴﺎد؛ وﻏﯿﺮ ذﻟﻚ ﻣﻤﺎ ﺗﻜﺸﻒ ﻋﻨﻪ واﻗﻊ اﻟﺤﺎل اﻟﺒﺎﺋﺲ ﺧﻼل ﻋﺎم واﺣﺪ.
ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﻤﻤﻜﻦ ﻟﮫﺬه اﻷﺳﺎطﯿﺮ أن ﺗﻈﻞ راﺋﺠﺔ ﻟﺒﻌﺾ اﻟﻮﻗﺖ، ﻟﻮ ﻟﻢ ﺗﻘﻊ اﻟﻮاﻗﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﺨﻄﺮ ﻋﻠﻰ ﺑﺎل أرﺑﺎب
ھﺬه "اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ"، وﻧﻌﻨﻲ ﺑﮫﺎ ﺧﺴﺎرة اﻟﺴﻠﻄﺔ دﻓﻌﺔ واﺣﺪة، وﻣﺎ ﺗﻼ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻧﻜﺸﺎﻓﺎت ﺑﺎﻟﺠﻤﻠﺔ ﻟﻔﯿﺾ ﻣﻦ
اﻻدﻋﺎءات واﻟﻤﺰاﻋﻢ اﻟﻤﺘﮫﺎﻓﺘﺔ، ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻻدﻋﺎء ﺑﻘﺒﻮل اﻵﺧﺮ، واﻟﺰﻋﻢ ﺑﺄﻧﮫﺎ ﻗﺪ ﺗﻄﮫﺮت ﻣﻦ إرﺛﮫﺎ وﻣﯿﻮﻟﮫﺎ
اﻟﻌﻨﯿﻔﺔ.

وﻟﻌﻞ اﻟﺨﻄﺎب اﻟﺬي ﺗﻼه ﻣﺮﺷﺪ اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ أﻣﺎم "راﺑﻌﺔ اﻟﻌﺪوﻳﺔ"، وﻣﺎ راﻓﻘﻪ ﻣﻦ ارﺗﺪاد ﺳﺮﻳﻊ إﻟﻰ اﻹرھﺎب ﻓﻲ
ﺳﯿﻨﺎء، ﺑﺎﻟﺘﻌﺎون ﻣﻊ "اﻟﻘﺎﻋﺪة" وﺷﻘﯿﻘﺎﺗﮫﺎ، ﻓﻀﻼً ﻋﻦ ﻣﻌﺎﻗﺮة اﻟﻮھﻢ ﺑﺈﻋﺎدة ﻋﻘﺎرب اﻟﺴﺎﻋﺔ إﻟﻰ اﻟﻮراء، ﺗﺸﯿﺮ
ﺟﻤﯿﻌﮫﺎ إﻟﻰ أن ﻛﻞ ﻣﺎ اﻧﻄﺒﻊ ﻓﻲ اﻷذھﺎن ﻋﻦ ھﺬه اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ، ﻛﺎن ﻣﺠﺮد أﺳﺎطﯿﺮ زاﺋﻔﺔ.
ﻓﻲ اﻟﻤﺤﺼﻠﺔ ﻏﯿﺮ اﻟﻨﮫﺎﺋﯿﺔ، ﻟﻘﺪ ﺧﺴﺮ إﺧﻮان ﻣﺮﺳﻲ ﻓﻲ ﺳﻨﺔ واﺣﺪة ﻛﻞ ﻣﺎ أﻋﺪوا ﻟﻪ أﻧﻔﺴﮫﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺪى
ﺛﻤﺎﻧﯿﻦ ﺳﻨﺔ؛ ﻟﯿﺲ ﺑﻔﻌﻞ اﻟﻤﺆاﻣﺮة اﻟﻜﻮﻧﯿﺔ، وإﻧﻤﺎ ﺑﻔﻌﻞ اﻹﺧﻔﺎق ﻓﻲ ﻗﺮاءة اﻟﻮاﻗﻊ، واﻟﺘﻌﻠﻖ ﺑﺸﺮﻋﯿﺔ ﺻﻨﺪوق
اﻻﻧﺘﺨﺎب ﺑﺪون اﻻﻟﺘﻔﺎت إﻟﻰ ﺷﺮﻋﯿﺔ اﻹﻧﺠﺎز، وھﻮ ﻣﺎ ﻋﺠﻞ ﺑﻤﺜﻞ ھﺬه اﻟﻨﮫﺎﻳﺔ اﻟﻤﺜﯿﺮة.