قصة عوض الهواوشة... وآه يا وطن

أخبار البلد
 
في عجالة من امري كنت اجهز نفسي كي اصل الى جلسة البرلمان الصباحية، واذ بهاتفي يرن، وفي الطرف الاخر اسمع صوت صراخ، وكان واضحا ان خطبا ما يحدث، واخبرني مهاتفي، وهو احد رواد الامن العام ان شابا اردنيا يهم برمي نفسه من فوق الجسر المواجه لرئاسة الوزراء، واسفرت المفاوضات معه عن طلبه قدومي كي يعدل عن انتحاره، وفعلا اسرعت الخطى الى موقع الحادثة، وانا استعيد ايقاع الحدث المؤلم وقصة علاج هذا الشاب الذي تقدم بكتاب لي يطلب فيه انصافه.
وتكمن قضيته في كونه احد مصابي الجيش العربي، وقد تعرض لحادث اسفر عن تركه العمل في القوات المسلحة، وهو يحمل تأمينا عسكريا، ويحتاج على خلفية اصابته الى علاج مستمر ، وقد اخبرني ان علاجه غير متوفر في الخدمات الطبية الملكية مما يضطره للحصول عليه من القطاع الخاص بواقع 45 دينارا شهريا. وهو مبلغ يشكل جزءا رئيسيا من تقاعد الاعتلال الذي خرج به من عمله السابق، ويصرف به على عياله .
سطرت بناءا على رغبته كتابا الى دولة رئيس الوزراء، ووضعته بصورة شكوى المصاب العسكري الذي يضطر لشراء علاجه من الصيدليات، وهو مؤمن عسكري، ومن حقه الحصول على المعالجة، ولا تزيد كلفة علاجه الشهرية عن 45 دينارا، وبعد اكثر من اسبوعين يأتيني الرد بأن دولته حول الكتاب الى وزارة الصحة، وقد استغربت هذا الاجراء كونه يحمل تأمينا عسكريا، وقد ذيل الكتاب بعبارة "اتخاذ الاجراء اللازم حسب الاصول"، وهو ما يشي بما هو متعارف عليه مع ورود مثل هذه العبارة في ردود الرئاسة ان دولته يوعز للجهة التي صدر اليها الكتاب بالرفض.
اتصل مدير مكتبي بالرئاسة فتم اخباره بأن القضية قيد الحل، وما على المواطن عوض الهواوشة سوى ان يصل لوزارة الصحة كي يأخذ الجواب بنفسه، وفعلا اخبره بذلك فتوجه الى تلك الوزارة لتقابله احدى موظفاتها، وتعاجله بالجواب، وكما اخبرني، وهو في حالة ذهول بوضع ختم كبير على الكتاب نصه " مرفوض".
وكأنها كانت الكلمة الحادة التي نفذ نصلها الى قلبه فاصيب بالهيجان، هدأت من روعه، وحاولت السيطرة على مشاعره، واخبرته ان علاجه الشهري مكفول ما دمت حيا.
الا انه لم يكد يهدأ ، وغادرني وقد تفطرت روحه، وكان ينوي الرد بالطريقة التي يملكها، وبالشكل الذي يليق بعدالة هذه الدولة، والتي قد يوصل مسؤولوها العشرات من ابناء هذا الوطن الى تفضيل خيار الموت على الحياة ما داموا لا ينظرون من بوابة قلوبهم الى وجع هذا الوطن.
وفي اليوم التالي كان الهاتف يردني بنية مواطن رمي نفسه من فوق جسر الرئاسة، وعندما وصلته كان قد تعرض الى حالة من الهيجان والعصبية، واستدعيت الاسعاف، فحملته في سيارتي، وولجت به الى مكتب امين عام الرئاسة.
بقي ان اقول ان هذا الشاب كان يقف في كل اسبوع في مواجهة دوار ذيبان وفي دور تطوعي ارتأه خدمة لوطنه ثم يشرع بالمناداة عندما يبدأ الحراكيون بالهتاف، واطلاق الشعارات السياسية فينادي عاليا بقوله " يعيش جلالة الملك عبدالله يعيش ... يعيش... يعيش".
النائب علي السنيد