عليك الإختيار

عليك الإختيار
بقلم : أحمد نضال عوّاد .
يمرّ الإنسان في حياته بمحطات عديدة ؛ إمّا أن تجعل منه قويّا لا يهاب المنيّة ، أو أن تحفر منه قبرا هشّاً فلا يعلم معنىً للصمود والوقوف بعزّة قويّة ، حياة قد تحتوي على عقبات وصعوبات ولكنّ النهاية لا توجد إلّا عند من حكم على نفسه بالضّعف والخضوع ، فليس الجميل بأن يحدث التّراجع بعد المضيّ قدما في الإرتفاع والصّعود ، وإنّما الجمال يتجسّد بالإستمرار في رفع البنيان للوصول إلى المبتغى دون خضوع وإذلال .

كن قدوة لنفسك ، جملة قد تثير التّساؤل ، ولكنّي أدعوكم إلى تدبّر معانيها ، فأجمل ما تستطيع فعله هو أن تكون أفضل شخصية من شخصياتك العديدة التي تستطيع إيجادها ، لا أريد أن تكون كلماتي ذات فلسفة عميقة بقدر أنّي أريد أن أرى تصحيحا لمفاهيم حياتنا العديدة ، وكلماتي لي قبل أن تكون لكم فليس الكاتب بأفضل من القارئ.

فرصة تأتي إليك في هذه الأيام فلا تضيّعها ، فليست الفرص متاحة في كلّ الأزمان ، فحافظ عليها لأنّها جاءتك دون أن تطلب منها المجيء ، فالفرص الماسية قد لا تتكرّر ، فاظفر بهذه الحلّة البهيجة لتكون لك ناصرة ومعينة ، فأنت الآن تستطيع فعل الجميل في ريب أنّك قد لا تستطيع بعد ذلك القيام بالتعديل .

كثيرون في هذه اللحظة قد حكموا على حروفي بأنّها حكاية مفروغ منها عند بني البشر ، فلا أحد يرى السّوء في نفسه ، فقد جعل أحدنا عينه مرصادا للآخرين و رأى نفسه إنساناً قويم ذو سلوك سليم ، فلم ينظر إلى هفواته ليكترث بتسجيل أخطاء من حوله دون تدبّر ما يستطيع تقديمه من خير جميل.

الجنة ، هي المطلب والمبتغى ، خير ما قد يكون ، وأفضل الأمنيات حتى في الأحلام والذّهون ، فمن وصلها سلم من الشّرور ، ومن تركها ساءت حياته على مرّ العصور، فمن دخلها أمِن من العِلل والمصائب ، وعاش في طيب طوال الدّهور.

عدّل وبدّل وقوّم وصحّح وامضِ واسعَ وارتقِ واظفر وتغيّر وارجع إلى خير عاقبة ترسمها لنفسك ،وتبتغيها لغدك ،وتبنيها لأملك ، وتحرسها لمستقبلك ، وتنقشها في عالمك ، وترتفع بها عند خالقك.

قد تقول لا أستطيع أن أترك أشياء اعتدت على فعلها ، أو لا أستطيع أن أمضي دون مصيبة في حياتي فعلتها ، أو لا أقوى على التّراجع بعد أن وصلت إلى حدود عالمي الحالي ، وأنا الآن راضي عن نفسي كما الجميع من حولي ! سأجيب عن مثل هذا التّساؤل بأنّ المثالية غير موجودة في عالمنا ، وما قد يحدث هو سعينا للوصول إليها والإقتراب من حدودها وخطوطها ، هناك في كلّ الأمور صواب وخطأ ، ولا يكون الحكم بما تبتغيه نفسك أو بما يقرّره عليك من حولك ، بل إنّ الكون يسير في نظام واتساق ، وهناك أحكام ومنهج نأخذ منه الدّليل والمعين لتحقيق الوِفاق ، فلا تظلم نفسك ، وإن رضيت ذلك عليها فلا تبتغيه على من حولك،وكن خير أنموذج تخرجه من ذاتك تحقّق به مرادك ، واجعل الجنّة جزاءك .

شهر رمضان يطرق الأبواب فكن خير مجيب للدعاء ، وقدّم لنفسك الخيرات تجد في أوقاتك المسرّات ، وامض في دربك بثبات وعطاء واجعل النّجاة لك ولمن حولك في مجتمعك مطلبا ومأوى ، فليس الجميل إلّا من حفظ نفسه وصان من حوله ، ومن الآن اترك الماضي بما احتوى من أحزان واجعل المستقبل هنيئا بانتظام ولا تقبل لنفسك أو لمجتمعك العيش في الذّلّ أوالهَوان .