( اهلاً رمضان )



ها قد ازفت ايام شهر شعبان بالرحيل , واقبل شهرالخيرات والبذل والمحبة والعطاء , شهر الاستغفار ومضاعفة الحسنات والمغفرة , هذا الشهر الذي كان رسولنا الكريم يطيل قيام ليله , ويعتكف اواخره , ويكون فيه اجود ما يكون , هذا الشهر الذي اوله رحمة واوسطه مغفرة واخره عتق من النار , والذي للأسف يمر بنا ولا نغتنمه ونستغله خير استغلال, فيكون استقبالنا له بتكديس ما لذ وطاب من اصناف المأكولات والشراب , وكأنه شهر اكل وولائم لا شهر صيام وقيام , نستقبله بالمسلسلات والسهرات التي يسمونها رمضانيه وكأنها من سنن هذا الشهر , نستقبله بافتتاح الخيام الرمضانية وقضاء الليل على انغام الموشحات الأندلسية والقدود الحلبية , وشرب الأراجيل , وكأنه شهر لهو وسهر ومتعة وهدر للوقت . وهو ايام معدودات تضاعف فيها الأجور والحسنات وتهذب فيها النفوس وتتروض فيها الشهوات ويكثر فيها الدعاء وطلب المغفرة ويتلى فيها القران الذي للأسف يُهجر طيلة العام ونذكره قليلأ في شهر القران.
حقيقة أن أمور كثيرة استُحدثت وأقترنت بالشهر الفضيل بهدف توجيه الناس عن حقيقة الصيام وهدف الصيام .
لفتت انتباهي احدى الدعايات لأحد المحطات التي تقول فيها أن نهار رمضان طويل لذا سنقضي معكم هذا الوقت بالتسلية والترفيه من خلال البرامج والمسلسلات والمسابقات التي تنسيكم طول نهار الصيام . هؤلاء القائمون على هذه المحطات لا يرقبون في مؤمن إلاً ولاذمه تسَيرهم اطماعهم وجشعهم بتحقيق أرباح هائلة من خلال الدعايات والاتصالات بالمسابقات وغيرها.
وللأسف انجرف الناس في هذا التيار دون وعي لما يحاك لهم , فسيدة البيت تبدأ نهارها ببرامج الطبخ وتنتقل من محطة لأخرى لهذه الغاية , والشباب منهمكون ببرامج التسلية والرياضة , والأطفال ببرامجهم الخاصة ، فالتغطية التلفزيونية شاملة لكل أفراد الأسرة وكل هذا على حساب اغتنام دقائق وساعات هذا الشهر بقراءة القرآن والصلاة والدعاء وغض البصر وحفظ اللسان وتقديم الطاعات بكافة إشكالها.
والأدهى والأمر ما يطلقه البعض من مقولات وعبارات تسيء الى هذا الشهر وقيمته الكريمة والعظيمة , فتجدهم يقولون (إذا عشر دشر) و (آخرتة عيد) وكأنهم في ضيق وكراهية لقدوم الشهر وهم سعداء بانقضائه ، ولا يعلمون الفضل والأجر العظيم الذي يطالهم بقدوم هذا الشهر الكريم.
فليعد هؤلاء إلى رشدهم ويبتعدوا عن غيَهم واسرافهم في هدر أوقاتهم بما لا يرضي وجه الله ويتعارض مع حرمة هذا الشهر الكريم الذي قال رب العزة فيه ( شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان) فهذا الشهر درس من دروس الإسلام العظيمة والناس فيه أصناف:
صنف حقق أهداف الصيام كاملة , فأقام ما أمر الله به ونهى ما نهى الله عنه واستقبل هذا الشهر بالعبادة وسعى لمغفرة ربه والتخلص من معاصيه.
وصنف يصوم رمضان كعادة وليس عبادة , فيصومه على استحياء من الله ومن الناس دون ان يحقق التوبة والإنابة , قضى وقته في النوم ومتابعة المحطات الفضائية والتلذذ والإسراف في الطعام دون أن يرقى لتحقيق مرامي وأهداف الصيام.
فنسأل الله أن نكون ممن سيستفيد من دروس هذا الشهر العظيم بتجديد النفوس بالطاعات وترك المعاصي ، وجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه آمين.
وكل عام والامة الاسلامية بخير