الاقتصاد أيها الغبي

ﻟﻢ ﺗﻜﻦ اﻟﺴﻠﻄﺔ واﻟﺸﺮﻋﯿﺔ وﺧﻼﻓها ﻣﻦ ﻋﻨﺎوﻳﻦ اﻟﺼﺮاع ﻓﻲ ﻣﺼﺮ، واردة ﻓﻲ ذھﻦ اﻟﻤﻼﻳﯿﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻧﺰﻟﻮا إﻟﻰ
اﻟﺸﻮارع ﺿﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺮﺳﻲ. وﻻ أﻋﺘﻘﺪ أن اﻟﺤﺮﻳﺎت اﻹﻋﻼﻣﯿﺔ وﺟﺪل اﻟﻔﻀﺎﺋﯿﺎت ﻛﺎﻧﺎ ﺣﺎﺿﺮﻳﻦ ﻓﻲ ﻣﯿﺎدﻳﻦ اﻟﻤﻨﻮﻓﯿﺔ
واﻟﺸﺮﻗﯿﺔ، وﺻﻌﯿﺪ ﻣﺼﺮ. ﻣﺤﺮك اﻟﺠﻤﺎھﯿﺮ اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻛﺎن اﻻﻗﺘﺼﺎد، واﻟﺬي ﺑﺴﺒﺒﻪ ﺛﺎر اﻟﻤﺼﺮﻳﻮن ﻋﻠﻰ ﺣﺴﻨﻲ
ﻣﺒﺎرك، وﻛﺎﻧﻮا ﺳﯿﻔﻌﻠﻮن اﻷﻣﺮ ذاﺗﻪ ﻣﻊ ﺣﻤﺪﻳﻦ ﺻﺒﺎﺣﻲ وﻣﺤﻤﺪ اﻟﺒﺮادﻋﻲ وﻋﺒﺪاﻟﻤﻨﻌﻢ أﺑﻮ اﻟﻔﺘﻮح، ﻟﻮ ﻛﺎن أﺣﺪ
ﻣﻨهم ﻓﻲ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻣﻜﺎن ﻣﺮﺳﻲ.
اﻟﻤﺴﺎﺋﻞ اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺸﺆون اﻟﺤﻜﻢ واﻟﺪﺳﺘﻮر واﻟﺤﺮﻳﺎت، ﺗﺤﺮك ﻓﻲ اﻟﻌﺎدة اﻷﺣﺰاب واﻟﻨﺸﻄﺎء اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﯿﻦ
وﺟﻤﺎﻋﺎت اﻟﻀﻐﻂ. وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺑﻮﺳﻊ ھﺆﻻء أن ﻳﻨﺠﺤﻮا ﻓﻲ ﺟﻤﻊ ﻣﻼﻳﯿﻦ اﻟﺘﻮاﻗﯿﻊ ﻓﻲ ﺣﻤﻠﺔ "ﺗﻤﺮد" ﻓﻲ ظﺮوف
اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻏﯿﺮ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺮ ﺑها ﻣﺼﺮ.
ﻳﻘﺪر اﻟﺨﺒﺮاء ﻧﺴﺒﺔ اﻷﻣﯿﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﺑﻨﺤﻮ 40 %، واﻟﻔﻘﺮ ﻓﻲ ﺣﺪود ھﺬا اﻟﺮﻗﻢ إن ﻟﻢ ﻳﺰد ﻋﻨﻪ. وﺗﺸﯿﺮ اﻹﺣﺼﺎءات
إﻟﻰ أن ﻋﺪد اﻟﻔﻘﺮاء زاد ﻓﻲ اﻟﺴﻨﺘﯿﻦ اﻷﺧﯿﺮﺗﯿﻦ ﺑﻨﺤﻮ 13 %، ﻓﻲ ﺑﻠﺪ ﻳﻌﯿﺶ اﻟﻤﻼﻳﯿﻦ ﻣﻦ أﺑﻨﺎﺋﻪ ﻓﻲ اﻟﻌﺸﻮاﺋﯿﺎت،
وأﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻧﺼﻒ ﻣﻠﯿﻮن طﻔﻞ ﻓﻲ اﻟﺸﻮارع.
وﻓﻲ اﻟﺴﻨﺔ اﻷوﻟﻰ ﻣﻦ ﺣﻜﻢ ﻣﺮﺳﻲ، ﻟﻢ ﻳﺸﻌﺮ اﻟﻤﺼﺮﻳﻮن ﺑﺘﺤﺴﻦ أﺣﻮاﻟهم اﻟﻤﻌﯿﺸﯿﺔ؛ ﻻ ﺑﻞ إﻧها ﺗﺮاﺟﻌﺖ
ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻠﻤﻮس ﻷﺳﺒﺎب ﻋﺪﻳﺪة، وﻣﻌﮫﺎ ﺗﺮاﺟﻊ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺨﺪﻣﺎت، وُﺳﺠﻞ ﻧﻘﺺ ﻓﺎدح ﻓﻲ اﻟﺴﻠﻊ اﻷﺳﺎﺳﯿﺔ،
ووﺻﻠﺖ اﻟﻤﻌﺎﻧﺎة إﻟﻰ ﺻﻔﻮف اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﻮﺳﻄﻰ. ﻓﻲ اﻷﺛﻨﺎء، اﻧﺸﻐﻠﺖ اﻷﻏﻠﺒﯿﺔ اﻟﺤﺎﻛﻤﺔ ﺑﺼﺮاﻋﮫﺎ ﻣﻊ اﻟﻤﻌﺎرﺿﺔ،
وﺳﻌﯿها إﻟﻰ اﻟﺴﯿﻄﺮة ﻋﻠﻰ ﻣﺆﺳﺴﺎت اﻟﺪوﻟﺔ، وﺗﻤﻜﯿﻦ "اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ" ﻓﻲ اﻟﺤﻜﻢ.
وﺗﻈهر اﻹﺣﺼﺎءات أﻳﻀﺎ أن ﺣﺠﻢ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر اﻷﺟﻨﺒﻲ اﻟﻌﺎم اﻟﺤﺎﻟﻲ ﺑﻠﻎ أدﻧﻰ ﻣﻌﺪل ﻟﻪ ﻓﻲ اﻟﺴﻨﻮات اﻟﻌﺸﺮ
اﻷﺧﯿﺮة.
ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر؛ اﻟﻤﺼﺮﻳﻮن اﻟﺬﻳﻦ ﺧﺮﺟﻮا إﻟﻰ اﻟﺸﻮارع ﻣﻦ أﺟﻞ "اﻟﻌﯿﺶ اﻟﻜﺮﻳﻢ" زادوا ﺑﺆﺳﺎ وﻓﻘﺮا، ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ ﺧﯿﺎر
أﻣﺎﻣﮫﻢ ﺳﻮى اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﺪﻋﻮات اﻟﻤﻌﺎرﺿﺔ ﺑﺎﻟﺘﻤﺮد ﻋﻠﻰ ﺣﻜﻢ ﻣﺮﺳﻲ، ﻟﻌﻠﮫﻢ ﻳﻨﺎﻟﻮن وﺿﻌﺎ أﻓﻀﻞ ﻓﻲ
اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ.
ﻗﺪ ﻳﻘﻮل ﻗﺎﺋﻞ إن اﻟﻤﺼﺮﻳﯿﻦ ﻓﻲ ﻋﺠﻠﺔ ﻣﻦ أﻣﺮھﻢ؛ ﻣﺸﺎﻛﻞ ﻋﻘﻮد طﻮﻳﻠﺔ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺣﻠﮫﺎ ﻓﻲ ﺳﻨﺔ أو ﺳﻨﺘﯿﻦ. ھﺬا
ﺻﺤﯿﺢ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﯿﺪ، ﻟﻜﻦ ﻛﺎن ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﻰ أھﻞ اﻟﺴﻠﻄﺔ أن ﻳﻤﻨﺤﻮا اﻟﻨﺎس اﻷﻣﻞ ﺑﺎﻟﺘﻐﯿﯿﺮ، ﻻ أن ﻳﻀﯿﻔﻮا ﻣﻌﺎﻧﺎة ﻓﻮق
ﻣﻌﺎﻧﺎﺗﮫﻢ.
ﺑﯿﺪ أن اﻷھﻢ، وھﺬا أﻣﺮ ﻻ ﻳﺨﺺ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺼﺮ وﺣﺪھﺎ ﺑﻞ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺑﻤﺠﻤﻠﻪ، ھﻮ أﻧﻪ ﺑﺪون ﺗﺪﺧﻞ ﻗﻮي ﻣﻦ اﻟﺪول
اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ اﻟﻐﻨﯿﺔ، واﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص اﻟﻌﺮﺑﻲ، ﻻ ﻳﻤﻜﻦ إﻧﺠﺎز اﻟﺘﺤﻮﻻت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﻤﻄﻠﻮﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻠﺪان اﻟﻄﺎﻣﺤﺔ إﻟﻰ 

اﻹﺻﻼح واﻟﺘﻘﺪم، أو ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ اﺧﺘﺼﺎر اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻻﻧﺘﻘﺎﻟﯿﺔ، وﺗﺄﻣﯿﻦ اﻷﻣﻮال اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﺘﻨﻔﯿﺬ ﺧﻄﻂ اﻟﺘﻨﻤﯿﺔ اﻟﻌﺎﺟﻠﺔ.
ﻣﺎ ﻛﺎن ﻟﺪول أوروﺑﺎ اﻟﺸﺮﻗﯿﺔ أن ﺗﺘﺠﺎوز واﻗﻌﮫﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﻤﺘﺨﻠﻒ ﺑﻌﺪ اﻧﮫﯿﺎر اﻷﻧﻈﻤﺔ اﻻﺷﺘﺮاﻛﯿﺔ، ﻟﻮﻻ ﻣﻠﯿﺎرات
اﻟﺪوﻻرات اﻟﺘﻲ ﺿﺨﮫﺎ اﻻﺗﺤﺎد اﻷوروﺑﻲ، وھﻮ ﻣﺎ ﻣﻜﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺪول ﻣﻦ اﻟﻠﺤﺎق ﺑﺮﻛﺐ اﻟﺘﻄﻮر اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ.
ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ، اﻟﻨﺠﺎح ﻓﻲ اﻟﻤﯿﺪان اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻟﯿﺲ ﻣﻤﻜﻨﺎ ﺑﺪون ﺣﻜﻢ رﺷﯿﺪ وﺣﯿﺎة دﻳﻤﻘﺮاطﯿﺔ ﺗﻀﻤﻦ اﻟﺘﺪاول اﻟﺴﻠﻤﻲ
ﻟﻠﺴﻠﻄﺔ، وﺣﻜﻮﻣﺎت ﺗﺼﻮن ﺣﻘﻮق ﺟﻤﯿﻊ اﻷطﺮاف وﺗﻠﺘﺰم ﺑﺴﯿﺎدة اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻤﯿﻊ. ﻟﻜﻦ ھﺬه اﻷﺳﺎﺳﯿﺎت
ﻋﻠﻰ أھﻤﯿﺘﮫﺎ اﻟﺒﺎﻟﻐﺔ، ﺗﺼﺒﺢ ﺑﻼ ﻗﯿﻤﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻘﻄﺎﻋﺎت اﻟﻌﺮﻳﻀﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻮاطﻨﯿﻦ إذا ﻟﻢ ﺗﺮاﻓﻘﮫﺎ ﺗﻨﻤﯿﺔ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ،
وﻓﺮص ﻋﻤﻞ، وﻣﺴﺘﻮﻳﺎت ﻣﺘﻘﺪﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﺘﻌﻠﯿﻤﯿﺔ واﻟﺼﺤﯿﺔ واﻟﺒﻨﯿﺔ اﻟﺘﺤﺘﯿﺔ.
ﻓﻲ ﺣﻤﻠﺘﻪ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﯿﺔ اﻷوﻟﻰ، وﺟﺪ اﻟﺮﺋﯿﺲ اﻷﻣﯿﺮﻛﻲ ﺑﯿﻞ ﻛﻠﯿﻨﺘﻮن ﻧﻔﺴﻪ ﺑﻼ ﺗﺼﻮر ﻣﻨﺎﻓﺲ ﻟﺨﺼﻤﻪ اﻟﺠﻤﮫﻮري
ﺟﻮرج ﺑﻮش (اﻷب)، ﻓﻠﻤﻌﺖ ﻓﻲ رأس ﻣﺴﺘﺸﺎره اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﺟﯿﻤﺲ ﻛﺎرﻓﯿﻞ ﻋﺒﺎرة ﺗﺤﻮﻟﺖ إﻟﻰ ﺷﻌﺎر ﻣﺮﻛﺰي
ﻟﺤﻤﻠﺔ ﻛﻠﯿﻨﺘﻮن، وﻣﻔﺘﺎح اﻟﻔﻮز ﻓﻲ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت. اﻟﻌﺒﺎرة-اﻟﺸﻌﺎر ﻛﺎﻧﺖ: "إﻧﻪ اﻻﻗﺘﺼﺎد أﻳﮫﺎ اﻟﻐﺒﻲ".

بقلم: فهد الخيطان