بسطار الشرطي فوق عنق الشعب
تدمع عيناك ، وانت تراقب قسوة عناصر الامن على اهلهم في مصروفي دول عربية اخرى ، حين ينهال هؤلاء ببساطيرهم واحذيتهم وهراواتهم ، على رؤوس الذين يشاركون في المسيرات.
ولاكأن هؤلاء من هؤلاء ، ولاكأن هؤلاء جوعى ومحرومين ، كذات الذين يضربونهم ويسحلونهم في شوارع عربية ، فمن اين جاءت كل هذه القسوة ، والتمرجل الوضيع على شعوبهم؟.
فوق ذلك يطلقون الرصاص الحي على المتظاهرين.يقتلون بدم بارد.قتلة مأجورين ومرخصين ، يستحلون دم الناس ، باعتباره رخصياً.
قناصة تونس انموذج حي لعدو الشعب حين يكون من الشعب ، يحمل ذات سمات وجهه ، وتفاصيل اسمه.
هل تستحق الدراهم القليلة او الكثيرة ، كل هذا التوحش ، وكل هذه الافعال المشينة ، التي يبدو فيها عنصر الامن قاتلا مرخصاً وبثمن بخس ايضاًّ،.
عناصر الامن تتم تغذيتها بأفكار غريبة تقول ان الشعب جاهل ومخترق وفيه مندسين وجواسيس وعملاء ، وان اهانة الناس بهكذا طريقة ، تحفظ الامن العام ، وتحمي استقرار البلاد ، من الفوضى ، فينهال الشرطي بلباسه العسكري او المدني على افراد شعبه.
في دول غربية يتم تفريق المتظاهرين بالمياه ، او بلطف بالغ.لاترى ابداً شرطياً او عنصر امن يركل المواطن بقدمه ، او حفنة من الشرطة وعناصر الامن تنهال على الانسان بالهراوات ، اوتركله بشكل جماعي بالاحذية والبساطير على عنقه ووجهه وبطنه وقلبه.
لاترى ابداً عنصر امن يجر مواطناً على وجهه في الشارع ، ويعطيه ماتيسر من "شلاليط" وركلات خلال الرحلة الى حافلة الاعتقال كما رأينا أمس في مصر.
في الانموذج التونسي انهار النظام ، ولم يبق لعنصر الامن الا ان يخرج في المسيرات لاحقاً ، من اجل التبرؤ من خطيئة اهانة شعبهم ، وامتهان كرامة اهلهم ، فخلعوا الزي العسكري وخرجوا في المسيرات.
في نماذج اخرى خلع الشرطة ملابسهم ايضاً وخرجوا في المسيرات ، ومقابلهم خلع الشرطة ملابسهم وانضموا للجماهير من اجل قمعها وحثها على العودة للبيوت.
القمع والقتل والسجن والسحل والطرد من الوظيفة والمنع من السفر ، والتشهير ، ومصادرة الحريات العامة والشخصية ، والتخويف والترهيب ، كلها ممارسات انهارت في لحظة واحدة.
كل المظالم المتراكمة تنفجر في لحظة واحدة ، وحين يقال ان على الانظمة ان تتنبه الى مظالم الناس ، يتم زم الشفتين ، والاستهتار دوماً بهكذا شعوب ، باعتبارها لاتثور لاجل كرامتها المهدورة ، وثرواتها المسروقة.
عنصر الامن العربي يدافع عن سجله في انتهاك حقوق الناس ، قبل دفاعه عن النظام الذي يغذيه ، ويدافع ايضاً عن حاله في وجه حساب محتمل في لحظة تاريخية ما.
ليس اسهل على النظام العربي من ان يخرج ويعلن البراءة من عناصر امنه فيقول انه لم يعط تعليمات بالقتل او سحل الناس في الشوارع او اطلاق الرصاص الحي على اجسادهم.
ألم يخرج "زين الهاربين" ليقول للشعب التونسي انه تعرض للخداع ممن حوله وحواليه.هل صدقه احد في توبته المتأخرة بعد ان مضغت اجهزته لحم الشعب التونسي على مدى عشرين عاماً؟
عند معظم العرب يتم انتقاء عنصر الامن ممن لايأخذ ولايعطي ، ولايعرف سوى التعليمات ، فيتحول في حالات الطوارئ الى ذئب بشري ، فلا يعرف الفرق بين المندسين ، وبين الجمهور العادي المحاصر والمظلوم والجائع والمقموع والمهان.
فرق كبير بين من يحفظ الامن بحق ، وبين من ينتهك عرض وحرمة شعبه ، وفرق كبير جداً بين من يرفع بسطاره في وجه شعبه ، وذاك الذي يرفع راياته غضباً لاجل المحرومين والفقراء والمساكين ، ومهدروي الحقوق.
...واذ تصحو الشعوب ، فأن اعادتها الى عصمة "البسطار" تبدو مستحيلة،.
mtair@addustour.com.jo