عن الورقتين اللتين ربحهما الأسد

منذ بضعة اسابيع حطت طائرة احد معاوني الرئيس السوري بشار الاسد في بيروت قبل ان ينتقل الى وجهته المقصودة بعد يومين. المسؤول المذكور عاد احدى قريباته في مستشفى بيروتي كبير وفي اليوم الثاني شارك في لقاء تلا عشاء "مصغّر" على شرفه حضره مسؤولون حزبيون ومنهم قياديون بارزون في "حزب الله" وخلاله تم تبادل وجهات النظر والاقتراحات والحلول والمخارج الممكنة لحل الازمة السورية. ركز المسؤول السوري على المقاربة التي وضعها الرئيس الاسد ومنذ بداية الازمة في 15 آذار من العام 2011 التي تضمنت ورقة "كسب الاصدقاء"، وورقة "كسب الاعداء".

في الاشهر الستة الاولى حاول الاسد جاهداً اقناع حلفائه الروس والايرانيين والصينيين و"حزب الله" ان سورية تتعرض لمؤامرة كبيرة وتقف وراءها اميركا واسرائيل وستستخدمان الورقة الطائفية والمذهبية ضده بعدما استنفدتا كل المغريات وكل التهديدات لفصل سورية عن مسارها العروبي المقاوم ومن الخندق الواحد مع ايران وحزب الله والمقاومة الفلسطينية، 
واستمرت معركة كسب ورقة الاصدقاء حتى مجيء الفريق أول الركن محمد أحمد مصطفي الدابي رئيس بعثة المراقبين العرب الى سورية واعتماد النظام لعبة الاحتواء حيث اصدر الاسد اوامر بعدم الرد بالنار على النار وحتى دفاعاً عن النفس ووقتها نزل رجال الشرطة الى الشارع وواكبوا موكب الدابي في حمص من دون اسلحة فتعرضوا لاطلاق نار وقتل وجرح العديد منهم بعد ان كانت عناصر المعارضة قد بدأت تخرج اسلحتها من المخابئ كما استولت على مخازن للجيش والشرطة وحصلت على كميات كبيرة من الاسلحة. هذا التحول من الحالة السلمية في الحراك السوري المعارض الى حركة مسلحة بدأت تعنف بعد اعتقاد قادة الجيش الحر ان التكتيك الذي اعتمده النظام هزيمة وتفكك لجيشه حيث بدأ بالانسحاب من الارياف في اتجاه المدن وتأمين الطرق والمفاصل الاساسية في المدن وحولها مع التركيز على حلب ودمشق ومنع محاصرتهما وتطويقهما.

التكتيك الآخر الذي اعتمده الجيش السوري هو السماح بتجمع المقاتلين مع تجهيزاتهم في الارياف ليعاود الهجوم عليهم فكبدهم خسائر كبيرة فكان يجبرهم على الانسحاب من منفذ واحد يتركه مشرعاً امامهم وهكذا دواليك حتى وصلت المعارضة الى حلب والحسكة والرقة. عملية الاستنزاف التي اعتمدها الجيش السوري اجبرت الجيش السوري الحر على التقهقر وطلب المزيد من العون البشري والعسكري والمادي فما كان الا ان بدأت ارتال التكفيرين والارهابيين تتدفق على سورية من كل حدب وصوب وصارت ترتكب الفظائع والمجازر بحق الابرياء وتقطع الرؤوس وتعدام المؤيدين بوحشية ومن ثم تصويرهذه المشاهد فكانت هذه المشاهد والمعلومات الاستخبارية تصل الى الاميركيين والغربيين تباعاً ليتأكدوا ان كل ما كتبه الدابي حول عسكرة الثورة في تقريره الذي لم يدرس ولم يؤخذ به كان صحيحاً. تجاوزت اهداف جبهة النصرة حدود المعارضة السورية الى اعلان الولاء للقاعدة في العراق. استمرار الممارسات المخيفة والتقهقر امام ضربات الجيش السوري جعلا من الغرب واميركا يتخذان قراراً بضرورة انهاء الحالة التكفيرية في سورية منعاً لتفجيرها الاوضاع في المنطقة كلها وهذا القرار كان الورقة الثانية التي كسبها الاسد وهي كسب ورقة الاعداء.