ما حدث في مصر ثورة شعبية وليس انقلاباً عسكرياً
لا يمكن أن نصدّق أكاذيب وأضليل ( جماعات ) الإخوان المسلمين وحلفاءهم الرجعيين بأن ما جرى في مصر كان مجرد انقلاب عسكري ... لا يمكن أن نصدقهم ونكذّب أعيننا وآذاننا .
الفرق شاسع بين انقلاب عسكريّ تقوم به مجموعة من الضباط بعد أن يكونوا قد اجتمعوا وخططوا وناقشوا التفاصيل ووضعوا البدائل للفشل ، وبين ثورة شعبية عارمة شارك بها ثلاثون مليونا من المواطنين الذين رابطوا بالميادين والشوارع والساحات وأقسموا ألاّ يعودوا الى بيوتهم إلاّ بعد سقوط الطاغية محمد مرسي .
وإن كان الإنقلاب العسكري ( في أيّة دولة ) يعتبر بطريقة أو بأخرى نوعا من ( المؤامرة ) ، فإن اشتراك ثلاثين مليون مواطن مصري في هذا الحراك الثوريّ العظيم يلغي صفة المؤامرة والإنقلاب على النظام في مصر ، ليجعل ما حدث ثورة شعبية بكل المقاييس ... وإلاّ ، فكيف تكون الثورة إذن ؟
هل يكفي أن يقال أن مرسي جاء بانتخابات ( حرة ونزيهة – وهذه أيضا مشكوك في صحتها ) عبر صناديق الإقتراع ليكون محصّنا من غضب الجماهير وثورتها ؟
وإذا كان خلال عام واحد من تاريخ الإخوان المسلمين الأسود قد فعل كل هذه الأفاعيل بوطنه وشعبه ، فهل يصبح من الضروري أو من الأصوب أن يصبر عليه شعب مصر العظيم ثلاث سنوات أخرى ليواصل تدمير مصر الوطن والشعب والحضارة ؟
إن عزل " رئيس الجمهورية السابق " يوم 3 يوليو 2013 وتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا مهام منصب رئيس الجمهورية بشكل مؤقت ، وفق خطة الطريق التي أعلنتها القوات المسلحة المصرية والمدعومة من غالبية القوى السياسية والدينية والشبابية المختلفة ، هو ما سينقذ مصر وشعبها من براثن الإخوان المسلمين وخططهم الجهنمية لاستكمال مؤامرتهم الدنيئة ضد شعوبنا العربية .
إن عشرات الملايين الذين خرجوا للشوارع مطالبين برحيل الرئيس مرسي ، إنما يمثلون نموذجا للديمقراطية المباشرة التي قال من خلالها الشعب كلمته وأعلن عن اختياره ...
وهنا لا بد من لفت الإنتباه الى أن ما حدث في مصر هو ثورة شعبية شاملة شارك فيها أضعاف من انتخبوا الرئيس السابق الدكتور محمد مرسي في الانتخابات الرئاسية الماضية ، ومن ثم فإن استخدام مصطلح الانقلاب العسكري لا يمتّ الى الواقع بصلة ، بل هو ( هنا ) يعتبر مصطلحا زائفا ، مراوغا ، مضللا باطلا يراد به باطل ... ، فما حدث هو استدعاء شعبي للقوات المسلحة لاتخاذ خطوة باتت ضرورية ولازمة بتنحية الرئيس وخلعه وإعلان ترتيبات المرحلة الانتقالية التي توافقت عليها القوى السياسية المختلفة ، وهي الترتيبات التي أعلنت في حضور وبمشاركة ودعم وتأييد المؤسسات الدينية وممثلي القوى السياسية المدنية والسلفية والشبابية ، وحظيت بمباركة وتأييد عشرات الملايين من المصريين الذين احتشدوا في الشوارع والميادين لدعم هذه المكتسبات .
على الثورة المصرية أن تحمي نفسها ، ذلك أن قوى الثورة المضادة لن تسكت على ما حلّ بها من هزيمة مندرة على يد الشعب المصريّ العظيم ...
وعلى قوى الثورة أن تتلاحم مع الشعب الذي وثق بها وفوّضها في عملية تقويض حكم الإخوان المسلمين .
وأما عن كيفية التعامل مع قطعان الإخوان المهزومة ، فليس هناك سوى الحزم في التعامل معهم وعدم إعطاءهم أية فرصة لتجميع قواهم المبعثرة ومليشياتهم المهزومة ... ليس هناك سوى العنف الثوري والعمل على إقصاءهم وعزلهم سياسيا ، حتى لا تتاح لهم مجرد فرصة التفكير بالعودة مجددا الى التحكم بمصير مصر وشعب مصر .
إن الخطاب الذي يلوّح بالعنف ويحض عليه بشكل معلن ومستتر والذي يطلقه بعض قادة الإخوان المسلمين والجماعات الجهادية ، يقوض أركان السلام الاجتماعي ، ويضع مصر وشعبها العظيم على فوّهة البركان ، ولهذا فإن على القوى والمنظمات الدولية والإقليمية أن تنحاز لخيار الشعب المصري ولا تقف ضد إرادته التي أعلنها بشكل واضح وصريح ، وان تتحلى مواقفها الرسمية بالمسئولية وإعلاء قيمة احترام إرادة الشعوب ووقف دعمها لأنظمة فقد شرعيتها .