ملائكة وفلول...!


- ما دام الإخوان المسلمون في مصر ، الأردن وفي غير مكان على الأرض هُم من صنف الملائكة ، وبقية الشعوب هُم من الفلول ، البلطجية والمتأمرين ، فلا غرو إن طارت عنزة الإخوان وحلَّقت في الفضاء ، لدحر المؤامرة الأمريكية والإسرائيلية التي تعرض خليفة الله على الأرض الشيخ محمد مرسي...!!!
- هذا ما فهمته من حديث مُقتضب أدلى به الشيخ حمزة منصور ، أمين عام حزب جبهة العمل الإسلامي الأردني ، إلى موقع عمون الأردني الإخباري ، والذي إعتبر فيه منصور أن المؤامرة المشار إليها ، هي بهدف إبقاء مصر دولة تابعة للأمريكان والإسرائيليين...!!!
- لا أراني مبالغا إن وصفت جماعة الإخوان المتأسلمين ، > ، هو كحبة العدس على مسطح زجاجي ، لا يُمكن معرفة وجهها من قفاها ، طولها من عرضها ، وأجزم أن هذه الجماعة هي حالة من غير...! وهي حالة يتردد صداها في فلسفة فاقد الدهشة ، موجود وغير موجود ، فرِح وحزين ، ملاك وبلطجي ويعبر عن ما في الكون من متناقضات ، مما يجعلني في حيرة من أمري ، وأنا أسمع كلاما يُعجبني ، وحين أرى الأفعال أستعجب ، خاصة عندما أتوقف أمام الحقيقة المُرة ، التي يمتزج فيها الملائكة والبلطجية في بوتقة كامب ديفيد ، وبتلك الجُّرعة الملائكية الزائدة ، رسالة الغرام والهيام بين الشيخ مرسي ""يتآمر عليه الأمريكيون والإسرائيليون...!!!"" وبين الإمام شمعون بيريز مشفوعة بآيات الصداقة والمحبة ، ومؤطرة بباقات الورد والياسمين الدمشقي ، يا واللَّيه...!!!
- حتى لو فاعت عليَّ كل أعشاش دبابير الأرض ، سأُخرج ما في داخلي ، واليكُن بعد ذلك الطوفان ، إذ لم يبق لي ومعي سوى كرامتي ومصداقيتي ، والحقيقة للجميع بالوقائع ، التي أكدت من خلال الفعل المصري الأخير أن لا ربيعا لأمة العرب ، بغير فصل الدين عن السياسة،،،لماذا...؟
- إن المحتوى الإجتماعي في الإطار الديني ، يحمل في ثناياه ، مذاهب ، طوائف ، مواقف ، أمزجة ، مفاهيم ، رؤى ، قناعات وحجج متباينة بينها الوسطي المعتدل ، المتشدد ، السلفي ، القاعدي ، الجهادي والعدمي وغيرها ، وهو ما يؤدي إلى إرباك في المشهد السياسي ، الذي لا يُمكن حصره في فهم محدد للإسلام السياسي ، ناهيك عن أن الدين ""أي دين"" هو في واقع الأمر نسج خاص لعلاقة الفرد بربه وخالقه ، لا يحق لأحد أن يدخل بينهما ، ما دام جميع الخلق في نهاية المطاف في ذمة الله عز وجل.
- ""لكم دين ولي دين"" ، ""كل على دينه ربنا يُعينه"".
- أما السياسة ، فهي فن إدارة شؤون الحياة في الدولة ، إقتصاديا ، إجتماعيا ، تربويا ، تعليميا ، صحيا ، قانونيا ، عدلا ، مساواة وغيرها ، كما أن السياسة ورديفتها الدبلوماسية ، فهي تُعنى بالدولة وعلاقاتها مع محيطها ومع العالم ، في حالات السلم والحرب وصياغة المصالح وتبادلها ، وهو ما ليس للدين شأن به ، لا من فريب أو بعيد .
- دعونا هنا نتوقف عند دول العالم المُتحضر ، الذي نهرب إلى مؤامراته علينا كلما إشتد تخبطنا ، إنحطاطنا وتخلفنا ، هذا العالم الذي يتفوق علينا في مختلف ميادين العلم والتقنيات ، ما كان ليصبح ما هوعليه قبل أن يفصل الدين عن الدولة ، بعد زمن من المعاناة ، شهد تحكُّم رجال الدين والكنائس بحياة الناس والدول ، وما رافق تلك الحقبة من مذابح ، مشانق ، مقاصل ودماء .
- بالطبع سيخرج عليَّ مُتأسلم من هنا أو هناك ، ليرفض مماثلة الدين الإسلامي بغيره من الأديان ، ناسيا ومتناسيا أن كل أهل دين سماوي أو وضعي ، والمتعصبين تحديدا ، يعيبون إن لم يُكفروا بقية الأديان ...!
- لنعود مجددا للإخوان المُتأسلمين في مصر ، الأردن وغير مكان، وندعوهم لمرة واحدة أن يتحلوا بفضيلة التواضع ، يُعيدوا حساباتهم ، وأن لا تأخذهم العزة بالإثم ، إذ ليس من العيب أن تُخطئ أو تفشل ، إنما العيب هو المكابرة وعدم الإعتراف بالحقيقة ، والهروب إلى ما ليس صحيحا ، ومحاولة إقناع الناس ، أن ما حصل في مصر هو مؤامرة أمريكية وإسرائيلية ، إذ لا أحد يُصدق هذه الفرية ، ليس لأن أمريكا وإسرائيل مُنزهتين ومحترمتين ، بل لأن يدا مرسي هي من أوكتا وفوهه الذي نفخ ، فقد إنقض على القضاء ، الصحافة والإعلام ، السياحة ، المرأة وحقوقها ، الحريات الخاصة والعامة وكل ما يمت للحياة المدنية بصلة ، وعبث بالدستور وسن القوانين على مقاسه ومقاس المرشد العام ، ونصب نفسه خليفة الله على الأرض ، ووصيا على الدين الإسلامي ، وترك محازبيه يعبثون بالوحدة الوطنية المصرية ، ومن ثم يريد البقاء على كرسي الرئاسة...!!! شي غاد