سقطت الشرعية برغبة عسكرية!



غادر ( مرسي) إذن قصر الاتحادية إلى مكان غير معلوم، وليس السبب بالطبع ضجيج المتظاهرين الذين تهافتوا بحناجر قوية تطالب بإقصاء الرئيس المنتخب بصورة ديمقراطية من منصبه، بعد عام من العمل المؤسسي في ترتيب البيت الداخلي المتهالك من النظام السابق، فكانت مهمته ليست مفروشة بالورود، بل أصيب بسهام القوى المحسوبة على النظام السابق، وبعض الأحزاب التي لم تنل من الكعكة الرئاسية شيء، لا بل خشت أن تنالها يدّ العدالة بعد عقود مضت سيطرت من خلالها على ثروات البلد المليء بالخيرات.

وبرغبة عسكرية عزل الرئيس (مرسي) من منصب الرئاسة المصرية، والتي اختارات طريق سياسة الأمر الواقع، والتي تتطلب إرضاء الجماهير الغاضبة من سياسة الرئيس العتيد، وإخلاء ميادين مصر من حالة الاحتقان ، وهي تدرك تماماً أنه جاء بإرادة شعبية من خلال صناديق الانتخاب، والتي غيبت عن عيون المصريين منذ عقود مضت سيطرت خلالها سياسة الإقصاء، والتهميش لإرادة الشعوب في اختيار من يحمي البلاد، ويدير شؤونها السياسية، والاقتصادية بكل أمانة واقتدار.

أرى أن المجلس العسكري المصري قد تعجّل بقراره الأخير والمتعلق بعزل رئيس منتخب شعبياً، وكان الأجدى أن تخرج الدبابات، والآليات العسكرية لحماية فترة حكمة من فلول النظام السابق، وبعض الذين لا يحملون أفكاراً جادة في إدارة نظام الحكم في مصر، لا بل وجدوها فرصة سانحة لإثارة الفوضى، والذهاب بالبلاد إلى المجهول، وربما يقدّموا خدمة جليلة لأعداء مصر في الداخل، والخارج، نظراً للثقل السياسي الذي تلعبه مصر على الساحة الدولية، والعربية.

كان على المجلس العسكري أن يحمي هذه التجربة الديمقراطية الأولى في مصر بكل ما يملك من قوة، ليؤسس بذلك لدولة ديموقراطية قد يكون لها دورًا قيادي في العالم، يكون الرئيس فيها من رحم الشعب، وهو الحاكم الناهي خلال فترة حكمة، وليس تيارات هاوية هدفها الأساس السيطرة على الشريان الاقتصادي بالبلد، وسلب إرادة الشعب في الاختيار، وممارسة العمل الحزبي بكل حرية، بدون فيثو مطلق على المعارضين.

ترّجل إذن (مرسي) مرغماً، وليس مع نهاية فترة حكمه الرئاسية بعد عام من المخاض الصعب مع عدد من التيارات المحسوبة على النظام السابق، وبعض الشباب المتحمسين لتغيير الرؤساء كما يشاءون بدون أن تكون هناك أسباب واهية، كالفساد، والخيانة، لا بل لأنها ثقافة التغيير الجديدة، والتي ستذهب بالدولة العزيزة مصر لازمات اقتصادية، وأمنية، قد تعيق عودة الاستقرار إلى هذا البلد العربي الشقيق.