«الاتصالات» بين رؤية الحكومة والشركات
اربع قضايا مفصلية تقف عائقا امام علاقة شركات قطاع الاتصالات بالحكومة ، وهي رفع اسعار الكهرباء وزيادة الضريبة ، ورفع نسبة المشاركة في العوائد واخيرا عطاء رخصة الترددات التي طرحته هيئة تنظيم القطاع الاسبوع الماضي.
الحكومة ترى ان الوضع الراهن الذي يعيشه الاقتصاد الوطني يتطلب من الشركات الكبرى وخاصة الاتصالات المساهمة في الموازنة العامة التي تعاني من عجز مزمن كبير ، وهي ترى ان ارباح الشركات في قطاع الاتصالات مازالت كبيرة تسمح لهم بمسؤولية اقتصادية اكبر تجاه الاقتصاد الوطني .
الحكومة ترى ان هناك فرصا كبيرة لمنح رخصة مشغل رابع ،لان السوق يكبر باستمرار ، اضافة الى وجود شكاوي مستمرة من عدم تطور الخدمات في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ، ناهيك من تردي بعض تلك الخدمات وانقطاعاتها المستمرة .
كما ان مستويات الضريبة 30 بالمائة حسب رؤية الحكومة قليلة مقارنة بعوائد القطاع التي تقترب من المليار دولار سنويا.
شركات الاتصال بدورها ترى ان القطاع يعاني من تردي كبير في انشطته نتيجة غياب التشريعات المنظمة له ، فلغاية الان لم تستطع سبع حكومات متالية ان تنجز قانونا عصريا للقطاع.
الشركات تقول ان دخول مشغل رابع يهدد تنافسية القطاع ، ويهدده بالاستمرار ، ويتساءلون هل يمتلك السوق الأردني مقومات الاستمرار والنمو في ظل مشغل جديد؟.
الإجابة متروكة لدراسات الجدوى الاقتصادية التي أعدتها الحكومة، والتي ستبين فرصة نمو القطاع واستيعابه لمشغل جديد.
لكن قبل هذا، علينا أن نتذكر أن 3 شركات اتصالات خرجت من السوق خلال السنوات القليلة الماضية بعد أن استثمرت عشرات الملايين من الدولارات للدخول كمشغل رابع وهي: اكسبرس، واي ترايب وكلكم.
شركات الاتصالات تقول انه باستطاعة الحكومة أن ترفد خزينتها بمبلغ مالي معين جراء بيع الرخصة الرابعة، لكن على الحكومة أن تدرس جيدا إمكانية خسارة إيرادات الشركات القائمة إذا ما كانت المنافسة غير صحيحة اقتصاديا، خاصة وان حالة التشبع بلغت ذروتها ، فهناك أكثر من 60 ألف مواطن يعملون بالقطاع بشكل مباشر وغير مباشر ، كما ارتفع عدد خطوط الخلوي لتصل إلى 8.76 مليون خط، وبنسبة انتشار 138 بالمئة.
إذا أرادت الحكومة النهوض بالقطاع والعودة من جديد إلى ألقه وحيويته؛ فهناك متطلبات سابقة من المفترض أن تقوم بها مثل تحرير سوق الانترنت، الذي ما تزال الممارسات غير القانونية تسود فيه من خلال مكاتب غير مرخصة تبيع المكالمات الدولية بواسطة الانترنت بأسعار بخسة تذهب لصالحها، بعيدا عن أي استحقاقات ضريبية للخزينة، كما تفعل باقي الشركات العاملة في القطاع
الاتصالات كغيرها من القطاعات التي سجل الأردن ريادتها منذ أكثر من عشر سنوات، وباتت معلما كبيرا في المنطقة، للأسف تراجعت هي الاخرى، وانضمت الى قطاعات التعليم والصحة التي نمت قطاعاتها في دول الجوار بعد ان استفادوا من الخبرات الاردنية، لذلك هناك تحدي كبير امام الحكومة لاعادة الاعتبار الاستثماري لهذا القطاع ، فالخلاف في القطاع ليس من مصلحة الاقتصاد الوطني.
سلامة الدرعاوي