هل تعود مصر لحكم العسكر


بعد خلع الرئيس حسني مبارك وتولي الجيش زمام الأمور ، ظن الشعب المصري أن نتائج الثورة اختزلت بيد الجيش، وأن الفريق طنطاوي آنذاك سوف يحتكر مقاليد الحكم، بدل حمايته نتائج الثورة، وأن الثورة التي تُقاس بنتائجها سوف تُجهض على يد الجيش، ساعد في ذلك حالة التشكيك التي وقعت بين صفوف وأحزاب وتيارات الثورة، ما فاقم من موجات الاتهامات والاصتدامات بينها.

انتخاب الدكتور محمد أحمد مرسي كمرشح الشعب ومحاولة الامريكان اللحاق بمسيرة الثورة التي تفاجأوا بها ليركبوا موجة دعم الحرية والديمقراطية واختيار الشعب، اعتقد الكثيرون أن للإخوان دور مقبل لحكم المنطقة، حيث تسعى الولايات المتحدة لبناء استراتيجية جديدة مع الإخوان، لتكون وجهتهم المقبلة بناء منطقة الشرق الأوسط، خاصة مع نظرة الناس الرافضين لحكم الطغيان والفساد، الذي اتسمت به الانظمة الدكتاتورية وكان الإخوان بما يطرحون يمثلون البديل والحل لكل المصائب والويلات التي تواجه مصر، خاصة أن الطرح الإخواني والوعود التي كانوا يطلقونها كانت بمثابة الدغدغة القريبة من هموم الناس وتطلعاتهم .

نجح مرسي وبدأت التوقعات تزداد يومًا بعد يوم، وبدأ الشارع المصري يشعر أن ما حققته ثورة يوليو عام 1952 من نتائج جاء خلال الستة أشهر الأولى . غير انه بعد مرور 3 أعوام على الثورة، وعام على حكم مرسي، لم تتغير الأوضاع، ولم يتحقق ما كان الناس يحلمون به ويوعدون، واحسوا أن هناك من جاء ليستولي على الدولة، فالإخوان استأثروا بالمواقع والمناصب ، والحكومة لم تُقنع الشارع المصري ، والتعديلات الدستورية المطلوبه هي ترسيخ لتوجهات الإخوان ، فكانت ثورة القضاة، وهيجان الإعلام الذي أراد الثورة لكل المصريين، لا لجماعة على حساب أخرى، خاصة أن الأحوال الاقتصادية والسياسية تراجعت والديون الخارجية زادت وعجز الموازنة وصل حدًا غير مقبول، مع تراجع كلي لواردات السياحة وانخفاض الاستثمار الخارجي إلى ما دون النصف، ما أدى إلى تضاعف حالة الفقر وزيادة نسب البطالة، إضافة لطوابير (العيش ) بدأت طوابير الغاز والسولار والبنزين . جنبًا إلى جنب مع تدهور العلاقات الدبلماسية مع الخارج ، حيث التقرب من إيران وقطع العلاقات مع سورية ومغازلة شمعون بيريز بالود والحميمية والالتزام بمد إسرائيل بالغاز وتقتيرها على الأردن ، وما شاب مسألة حصار غزة وفشل التعامل مع قضية سيناء ليأتي موضوع سد النهضة الأثيوبي بمثابة فشل الإدارة السياسية في امتحان حُسن إدارة الأزمات، مَسّ هيبة مصر وقدرتها على المحافظة على مصالحها الحيوية العليا، وسواء كانت هذه الأسباب مقنعة أم غير مقنعة ، إلا أنها أدوات سلّحت المعارضة بما ترفض به حكم الإخوان فمرور 3 سنوات على الثورة وسنة على رئاسة مرسي كافية لأن تعطي المؤشر الواضح لحكم الإخوان والاتجاه الذي يقودون أرض الكنانة إليه.
22 مليون توقيع من أصل 50 مليون شخص يحق لهم التصويت في مصر تفوق مجموع ما حصل عليه مرسي واحمد شفيق في الانتخابات الرئاسية السابقة. وهي كفيلة بدعوة المحكمة الدستورية لإعادة الانتخاب.

سياسة التحشيد في ميداني التحرير ورابعة العدوية ، لن تسفر إلا إلى حالة الاصطدام المسقبلي الذي ستكون عواقبه وخيمة، وهذا يتطلب تدخل العسكر لوقف النزف المتوقع من باب مصلحة المسيرة المصرية ضمن سيناريو واضح، يبدأ بإجراء الاستفتاء على الرئيس بمساندة المحكمة الدستورية حيث قام ديجول من قبل باستفتاء الشعب على حكمه ، وبعدها إجراء تعديلات توافقية على الدستور، وتحديث قوانين الانتخاب، لإخراج برلمان ممثل لكل طوائف الشعب، ومِن ثم انتخاب رئيس جديد لمصر وليكن من يكون . ما تخشاه احزاب المعارضة عودة الجيش وسيطرته على الحكم ، وهذا ما تحاول تيارات الاخوان ترويجه من اجل التخفيف من المطالبة باسقاط مرسي.
حكم العسكر الذي لعب فيه عمر سليمان وبرغبة امريكية دورا مكشوفا لصالح الاخوان، يجب ان يكون له دور في الحفاظ على ما تبقى للثورة من أمل، ولا نريد لمصر حكم العسكر ، نريدها أن تعود لرسم السكة ، فلقد خاضت مصر ثورة العسكر عام 1952 وحصدت النتائج ، فهل تتكرر التجربة .
Ad_alzoubi@alarabalyawm.net