د. أمجد قورشة لا تدع الخلق للخالق


قد تكون ممن لا يتفق مع د.أمجد قورشة في أسلوبه الدّعوي ومن منتقدي نهجه الإعلامي ، وليس بالضّرورة أن تكون من جمهوره أو مؤيديه أو أحد طلبته ، لتستطيع أن تميّزَ اللون الأبيض من اللون الأسود ، كل المطلوب أن تعاني حساسية مُفرطة من الظلم والفساد، فعندما يُمنع برنامج تلفازي لمواطن أردني مؤهل أكاديمياً وذي خبرة إعلاميّة بعدما تمّ الاتفاق على عرضه ، بدعاوى ألّا تكون القناة المانعة جزءاً أو مصدراً للخلاف على حدّ زعم القناة ، يظهر أمامنا سؤال ما هو هذا الخلاف، ومن حدده ؟ سؤال ننتظر الإجابة عنه حتى الآن.
الدكتور أمجد قورشة يُعدّ أحد روّاد المدرسة الدعوية المُعاصرة في الأردن التي مزجت في أسلوبها الوعظي الديني بين حديث العامّة والنّقد الساخر ، وصولاً إلى برامج تلفازية منحت العنصر الشبابي الدورَ الحواري ، وبالرّغم من الصعوبات التي واجهت هذه المدرسة في مراحلها الأولى، إلّا أن د.قورشة استطاع أن يبني من خلالها قاعدة جماهيرية واسعة ومتنوعة في فهمها للالتزام الديني ، وحتى ذلك الوقت لم نسمع من أصوات مخالفيه أو معارضيه أيةَ اتهامات تقدح في وطنية الرجل أو تتهمه بزرع الفتنة ، إنّما ظهر ذلك كلّه عندما بدأنا نقرأ على صفحة الدكتور الرسميّة على facebook تعليقات:" أنت شيخ شو دخلك في السياسة " ، "يا دكتور أنا كنت أحترمك بس عرفت أنك نزلت عدوار الداخلية نزلت من عيني"،"يا شيخ مالك وسواليف الفساد خليك في دروسك أحسنلك" ، وعديدة هي التعليقات المنبثقة من فقه الطاغوتية حيث لا شيخ ممتاز إلّا الشيخ الذي إذا رأى الفساد غضّ بصره ، وإذا سمع الظلم اعتبره تنصتاً ، وإذا اكتوى من السرقات اعتبرها صدقة ، شيخ يُفَضَّل أن يكون أبكم، و إذا تكلّم أن يتقن لغة واحدة " دع الخلق للخالق " .
يقول غوبلز مهندس الدّعاية النازيّة :"كلما سمعتُ كلمة ثقافة،تحسستُ مسدسي" ، وأكاد أزعم لا يوجد ثقافة أقوى وأخطر من ثقافة مقاومة الفساد والاستبداد، ولا يوجد مروّج لهذه الثقافة أقوى من علماء الشريعة الإسلامية ، فسترتهم الدينية تتجاوز عوائق الإقناع بأشواط في ذهن المتلقي ، ونجد في حالة د.أمجد قورشة عندما اختار كشف ومحاربة المفسدين كما صرّح على صفحته في أكثر من مناسبة،سرعان ما بدأت ماكينة الدّعاية السوداء بالعزف على وتر الفتنة وخراب البلد ، وتسليط الدّعاية ضد الشخص دون مناقشة الأفكار ، وضخِّ وابل من التعليقات الجاهدة لتصوير دكتور الشريعة كأستاذ ومكتب وأيّ صورة خارج هذا الإطار هي تغريد ليس خارج السرب فقط بل خارج الوطن ، في محاولة لتدريب الأذن والعين على أُلفة الكذب وتشويه الحقائق مما أوقع كثيرين في منطقة اللون الرمادي المليئة بالحيرة ، فهل هو شيخ أم سياسي ، هو مصلح اجتماعي أم رجل مظاهرات ، هو يخاف على البلد أم يشتم الوطن؟، يقول تشرتشل :" إن الأكذوبة تقوم بدورة كاملة حول العالم، قبل أن تنتهي الحقيقة من ارتداء سروالها"، وهذا واقعٌ نعيشه في كل حالة ظلم نلتف فيها حول أنفسنا ندّعي البحث عن الحقيقة ، وهي بين أيدينا من غير قناع في الوقت الذي يرتدي فيه الظلم ألف قناع ، لقد أغرقوا المواطن بشبح الخوف من كل مُعارِض تارة يهددونه بالزعتري وتارة بالإفلاس ، فالمُعارض هو كل المستقبل المرعب ولو كان مُعارضاً لهرم الانحلال الخلقي ولطحن المنظومة القيمية للمجتمع الأردني ، لا يريدون لعلماء الشريعة أن يسيروا بجانب الحائط بل أن يكونوا إحدى لَبِناته ، والحقّ العدل يريد :"وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ".