الجورة


(ذات رمضان) هممت بالنزول لمنطقة (الجورة) في وسط عمان ..... كنت قد أنهيت عملي صباحا، وأجزاء القران المحددة لذلك اليوم ظهرا ، و(تموين) ملحمة (الفطور) عصرا ، انطلقت بعد العصر باتجاه (الجورة) للتثبّت من حال الامة في وسط المدينة وأيضا لتسلية (الامعاء الخاوية) .....

أثناء التجوال وبالتحديد عند بائعي الأثاث المستخدم (لَمحْتُ) بائعاً يرتدي قميص (شبّاح) لون أزرق ، وهو لباس (الشاطئ) لسكان (الجورة) ، ما فهمته أن الرجل كان يتعارك لفظيّاً مع (زبونٍ عملاق) ، لم أتمكن من معرفة تفاصيل القضية ، وأيهما الباغي وأيهما الضحية ، إلا أنّ ما كان جليّاً هو أنّ (الزبون) اذا ما نفخ على (البائع) فإنّ الأخير سيصبح هشيما تذروه الرياح ، مع وصولي كان البائع مثل (الشريطة) في يد (الزبون) وهو يقول أي (البائع) اللهم انّي صائم ..... والله لولا الصيام كان فرجيتك .... وعلى هذا المنوال كان يتضرع بِـ (الصيام) .... (الزبون) في تلك اللحظة قَبِل (شفاعة) الصيام وانصرف .....

أكملت جولتي في (سوق الحرمية) ، وهو الاسم الرديف لـ (الجورة) .... وعدت من طريقي التي أتيتها من أمام محل صاحب الأثاث ، وإذا بالذي استجار بالصيام منذ لحظات قد كفر به الآن ..... فالبائع قد أتاه (زبون) اخر (قليّل) ، وديع الحركات ، سهل الملامح ، واختلفوا ...... كانت أول كلمة أطلقها البائع (والله لأفطر عليك) ......... وحيات بنتي (ازدهار) لأخلّي (ذِنيك) يسلموا عبعض ........ وشرف ميمتي لأخلّي عينيك حبايب ...... وعنين أختي (يُسرية) لأخلّي وجهك كراج فش فيه محل تصُف ..... و(سنفونية) من الشتائم حتى أنّي تمنيت لو أن بجعبتي ورقة وقلم لأسجل ما يصف لرفد معجم اللغة العربية بها ...... تخيلت في تلك اللحظة أن ابليس يقف الى جانبي وقد جمع أبناءه من حوله فيحدثهم ويقول (تعلموا يا همل ) ...... انطلق البائع الى الرجل فبدأه بلكمة وثنى عليه بلطمة ...... في تلك اللحظة لفتني الى جانبي رجل عجوز وقد حضر المشهدين مثلي ، كان يقول (عدي رجالك عدي ، من الاقرع للمصدي)......

قرر مجموعة من (العلماء) في اجتماع كان أن انعقد في أرض الكنانة ، قرروا إعلان ( النفير العام ) ...... ما أشبه فعلتهم بفعلة صاحبنا .... حينما دكّت (اسرائيل) كل بيت إسلاميٍّ باحتلالها للأقصى المبارك ... غلّبوا العقل وقالوا نحن أهل تسامح ومن (سلخك) على خدك الايمن فأدر له الايسر ، وفقه الاولويات هو ما يقودنا في هذه المرحلة ، والسلام أمر به الله قبل الحرب ...... وحينما انزلقت الشام الى حرب طائفية ممن ركبوا على ثورتها المباركة وشوّهوها ..... دعوا إلى النفير العام لإذكاء الفتنة ، وباركوا قتل المسلم للمسلم ، وادعوا أن لا تحرير لفلسطين إلا من بوابة الشام ......

ثلاثة أسئلة أستفتيهم بها :
الأول : ألم تسمعوا بفقه المآلات ؟
الثاني : هل صمتم كل هذا الصيام حتى تفطروا على هذه (الجيفة) ؟
الثالث : ألا تخشون (الجورة) ؟

بعد هذا الاجتماع صدقوني أن ابليس قد جمع أبناءه وأخبرهم أنه قد قرر (التنحي) ...... وأخبرهم أني تركت فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا أبدا ..... قرب السلطان وهوى متبع ...

محمد حسني الشريف
https://www.facebook.com/mohammad.h.alshareef